قراءة في كتاب

قراءة في كتاب

18/08/2012

«الإيقاظ من الهَجعة بِالبُرهان على الرَّجْعَة»

«الإيقاظ من الهَجعة بِالبُرهان على الرَّجْعَة»
للمحدّث الحرّ العاملي
_______قراءة: سلام ياسين______

الكتاب: الإيقاظ من الهَجعة بالبرهان على الرَّجعة
المؤلّف: المحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت: 1104 هجريّة)
الناشر: «دليل ما»، قم المقدّسة 1422
واحدٌ من المؤلّفات التي تربو على الثلاثين للمحدّث الخبير، شيخ الإسلام في عصره، محمّد بن الحسن، المعروف بـ «الحرّ العاملي»، فرغَ من تأليفه سنة 1075 هجريّة، وكان الدّاعي إلى ذلك شكوكٌ شاعت في عصرِه حول «مسألة الرَّجْعَة»، وكثرة التّأويل بشأنِها.
والمرادُ من «الرَّجعة» هو أنّ الله تعالى سيُعيد أقواماً من الأموات إلى الدّنيا -قبل القيامة- في صُوَرهم التي كانوا عليها، وهم على قسمين: مَن مَحَض الإيمانَ مَحضاً في حياته الأُولى، ومَن مَحَض الكفر فيها محضاً، ثمّ يُديل اللهُ سبحانه بنصره المحقّين والمظلومين على المُبطِلين والظالمين.. وذلك سيَحدث -كما في عقيدة الإماميّة- لدى قيام الإمام المهديّ عليه السلام، ثمّ يصيرُ الجميعُ إلى الموت مرّةً أخرى.
هذا هو الشائع بين جمهور الإماميّة؛ أخْذاً بما جاء عن أهل البيت عليهم السلام، منذ عهد الشيخ الصّدوق والشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي، وحتّى العلّامة المجلسي والحرّ العاملي، إلى الفقهاء والعلماء المتأخِّرين والمعاصرين.

الدّاعي إلى تأليفِ الكتاب
يقول المحدّث الحرّ العاملي في مقدّمة الكتاب: «قد جمع بعضُ السادات المعاصرين رسالةً في إثبات الرّجعة التي وعد اللهُ بها المؤمنين، والنبيّ والأئمّة سلام الله عليهم أجمعين، وفيها أشياءُ غريبة مستبعدَة لم يُعلَم من أين نقلَها ".." فكان ذلك سبباً لتوقُّف بعض الشيعة عن قبولِها، حتّى انتهى إلى إنكار أصلِ الرَّجعة، وحاولَ إبطالَ برهانِها ودليلِها، وربّما مال إلى صرفِها عن ظاهرِها وتأويلِها ".." فالتمسَ منّي بعضُ الإخوان جمعَ ما حضرَني من أخبارها، والكشفَ عن حقيقة أسرارِها ".." فرأيتُ ذلك من جملة المهمّات، بل من الفروض الواجبات، فشرعتُ في جمعها إظهاراً لنصيحةِ المؤمنين، ودفعاً للشُّبهات عن أحكام الدِّين..».
فصولُ الكتاب
ومع أنّ الشيخ الحرّ العاملي لم تحضُره جميعُ الكُتب التي تشتمل على أحاديث الرّجعة، ولم يستوفِ مطالعتَها جميعَها، فقد اشتملَ كتابُه على ما يزيد عن ستّين آية، وستماية حديث، وأقوال العلماء المتقدّمين عليه، وقد رتّبَ الكتابَ على اثنَي عشر باباً:
* الأوّل: في المقدّمات. منها: وجوبُ التّسليم لما ورد عن المعصومين عليهم السلام، وعدم جواز التأويل بغير نصٍّ ودليل، ووجوب الرّجوع إلى الكتب الأربعة وأمثالها من الكتب المعتمَدة، وضوابط عدّة في التعامل مع الرّوايات المتعارضة. وقد أورد تحت كلِّ عنوان ما يناسبُه من الرّوايات.

* الثاني: في الاستدلال على الرّجعة، وإمكانها، ووقوعها، باثنَي عشر دليلاً. منها: أنّ ما استدلّوا به على صحّة المعاد يصلح أيضاً للرّجعة، ووجود الآيات الدالّة على الرّجعة، وتواتر الأحاديث عن الأئمّة عليهم السلام في ذلك.

* الثالث: في جملة من الآيات القرآنية الدالّة على الرّجعة ولو بانضمام الأحاديث في تفسيرها. فيورد 64 آية، من ذلك: قوله تعالى: ﴿ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم..﴾ البقرة:243، يقول: «دلّت على وقوع الرّجعة، وهو يستلزمُ إمكانَها وعدم جواز إنكارِها، وفيها دلالة على وقوعها أيضاً، بضميمة الأحاديث الدالّة على أنّ ما وقع في الأمم السابقة يقعُ مثلُه في هذه الأمّة».

* الرّابع: في إثبات أنّ ما وقع في الأمم السابقة يقع مثله في هذه الأمة. ويورد لذلك 26 حديثاً، منها ما نقله عن (الفقيه) للصّدوق في باب فرض الصلاة: «قال النبيُّ صلّى الله عليه وآله: يكون في هذه الأمّة كلُّ ما كان في بَني إسرائيل، حذوَ النّعل بالنّعل، والقُذّة بالقُذّة».

* الخامس: في إثبات أنّ الرّجعة قد وقعت في الأمَم السابقة. ويورد لذلك 60 حديثاً. منها: ما رواه الطّبرسي في تفسير قوله تعالى: ﴿..وآتيناه أهله ومثلهم معهم..﴾ الأنبياء:84، عن ابن عباس وابن مسعود: إنّ الله تعالى ردّ على أيّوبَ أهلَه الذين هلَكوا بأعيانِهم، وأعطاه مثلَهم معهم، وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليه السلام.
* السادس: في إثبات أنّ الرّجعة قد وقعت في الأنبياء والأوصياء السّابقين. وفيها 46 حديثاً. منها: ما رواه الكليني عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «إنّ عيسى عليه السلام جاء إلى قبر يحيى بن زكريا عليهما السلام، وكان سأل ربَّه أن يُحيَيه له، فدعاه، فأجابَه وخرج إليه من القبر فقال له: ما تريدُ منّي؟ قال: أريدُ أن تؤنسَني كما كنت في الدّنيا، فقال له: يا عيسى! ما سكنتْ عنّي حرارةُ الموت وأنت تريدُ أن تُعيدَني إلى الدنيا، وتعود عليّ حرارةُ الموت، فتركَه فعاد إلى قبرِه».

* السابع: في إثبات أنّ الرّجعة قد وقعت في هذه الأمّة في الجملة، ليزول استبعادُ الرّجعة الموعود بها في آخر الزمان. وقد أورد الشيخ الحرّ 27 حديثاً. منها: ما رواه ابن بابويه في كتاب (عيون الأخبار) في باب ذكر مجلس الإمام الرّضا عليه السلام مع أهل الأديان: «لقد اجتمعتْ قريشٌ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فسألوه أن يُحيي لهم موتاهم، فوجَّه معهم عليَّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال له: يا عليّ! إذهب إلى الجبّانة فنادِ هؤلاء الرّهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك: يا فلان ويا فلان، يقول لكم محمّد: قوموا بإذنِ الله. فقاموا ينفُضون التّرابَ عن رؤوسِهم، فأقبلتْ قريشٌ تسألُهم عن أمورِهم»
.
* الثامن: في إثبات أنّ الرّجعة قد وقعت للأنبياء والأئمّة عليهم السلام في هذه الأمّة في الجملة، وفيه 40 حديثاً. منها: ما رواه الكليني -في باب ما نصَّ اللهُ ورسولُه على الأئمّة عليهم السلام- عن أبي عبد الله عليه السلام: «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لعليٍّ عليه السلام: إذا أنا مِتُّ فاستقِ لي سبع قِرَبٍ من ماءِ بئرِ غرس [بئر في المدينة]، فغسِّلني، وكفِّني، وحَنِّطني، فإذا فرغتُ من غسلي، وكَفني، وتحنيطي، فخُذ بمجامع كفنِي وأَجْلِسنِي، ثمّ سَلْنِي عمّا شئت، فواللهِ لا تسألُني عن شيءٍ إلّا أجبتُك فيه».

* التاسع: في جملة من الأحاديث المعتمدة الواردة في الإخبار بالرّجعة لجماعة من الشيعة وغيرهم. وفيه 131 حديثاً، منها: ما ورد في الزّيارة الجامعة المرويّة عن الإمام الهادي عليه السلام: «..مؤمِنٌ بإيابكم، مصدِّقٌ برجعتِكم..»، أو «..وجَعلَني [الله] ممّن يقتَصُّ آثارَكم ".." وَيَكِرُّ في رجعتِكم..».

* العاشر: في جملة من الأحاديث المعتمدة الواردة في الإخبار بالرّجعة لجماعة من الأنبياء والأئمّة عليهم السلام. وفيه 178 حديثاً، منها: ما رواه الشيخ الصّدوق في (الفقيه) عن الإمام الصادق عليه السلام: «ليس منّا من لم يؤمِن بكَرّتِنا [الكرّة: الرجعة]، ويستحلَّ متعتَنا».

* الحادي عشر: في أنّه هل بعد دولة الإمام المهديّ عليه السلام دولة أم لا؟ وفيه 12 حديثاً. منها: روى الشيخ الطّوسي في كتاب (الغَيبة) عن أبي عبد الله الصّادق عليه السلام: «إنّ منّا بعد القائم عليه السلام اثنَي عشر مهديّاً من وُلد الحسين عليه السلام».

* الثاني عشر: في ذكر شبهةِ منكِر الرّجعة والجواب عنها. وقد أشار المحدّث الحرّ العاملي رضوان الله تعالى عليه في هذا الباب إلى شُبهاتٍ ستّ كانت مُثارَة في عصره، فأجاب عنها مستنداً إلى ما مرّ من أدلّة على وقوعها، رافعاً للتعارض الظّاهر بين بعض النصوص، كقوله تعالى: ﴿حتّى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون * لعلّي أعمل صالحاً فيما تركت كلّا..﴾ المؤمنون: 99-100، وبين القول بالرّجعة.
«الرَّجْعَة» تعني أنّ الله تعالى يُعيد قوماً من الأموات إلى الدّنيا في صورِهم التي كانوا عليها، فيُعزُّ فريقاً ويذلُّ فريقاً آخر، وذلك عند قيام الإمام المهدي عليه السلام. ولا يرجعُ إلّا مَن عَلَت درجتُه في الإيمان، أو مَن بلغَ الغاية في الفساد، ثمّ يصيرون -جميعاً- بعد ذلك إلى الموت.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

18/08/2012

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات