يذكرون

يذكرون

منذ أسبوع

حقيقة الذِّكر، استحضار المذكور

حقيقة الذِّكر، استحضار المذكور
ذِكرُهُ شرَفٌ للذّاكرين
______إعداد: عبدالله النابلسي______


اللّسان آلة للذِّكر كالقلب، ولا يُترَك أحدهما بترك الآخر، فإنَّ لكلِّ عضوٍ عبادة.
ما يلي، كلمات في حقيقة الذِّكر للملّا هادي السبزواري من كتابه (شرح الأسماء الحسنى)، يليها شرح لحديث الإمام الصادق عليه السلام للعلّامة المجلسي.

حقيقة الذِّكر حضور المذكور لدى الذَّاكر، ".." ثمّ إنّنا ذاكروه تعالى بحوله وقوَّته ولولاه لم يَتَأتَّ لنا ذِكْرُه، ولعلَّه مُراد مَن قال مِن العرفاء:
لقد كنتُ دهراً قبل أن يُكشَف الغطا أخالك أنّي ذاكرٌ لكَ شاكرُ
فلمَّا أضاء اللَّيل أصبحتُ عارفا بأنَّكَ مذكورٌ وذكرٌ وذاكِرُ
وهو تعالى خير الذَّاكرين بحسب ذاكريَّته لنفسه، لأنَّ علمه بنفسه أتمّ من علمنا به لِكَوْن الأوَّل بالكُنْه والثّاني بالوجه، وإن كان للوجه مراتب وبحسب ذاكريّته لنا المشار إليها في قوله تعالى فاذكروني أذكركم وفي الحديث القدسي: «أنا مع عبدي إذا ذَكَرني، مَنْ ذَكَرَني في نفسه ذكرتُهُ في نفسي، ومَنْ ذَكَرني في ملاءٍ ذكرتُه في ملاءٍ خيرٌ منه». لأنَّ ظهورنا في الأكوان السّابقة أتمّ من ظهورنا في هذا الكون الطَّبيعي، فَنَوَّه تعالى باسمنا في اللّاهوت كما في الجبروت، المعبَّر عنه في الحديث القدسي المذكور بملاء خير من ملاء عالمنا، وكيف لا يكون ذاكريَّته لنا خيراً من ذاكريّتنا والعلّة حدٌّ تامٌّ للمعلول، بخلاف المعلول فإنّه حدٌّ ناقصٌ للعلَّة.
(شرح الأسماء الحسنى، الملا هادي السبزواري)


إجعل لسانك معتاداً بالخير

عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «مِن أشدّ ما فَرَض اللهُ على خلقه ذِكْر الله كثيرا، ثمّ قال: لا أعني سبحانَ الله والحمدُ لله ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ، وإنْ كان منه، ولكن ذكر الله عند ما أحلَّ وحرَّم، فإن كان طاعة عمل بها، وإن كان معصية تركها».
توضيح: «ما فرض الله» أي قرَّره، أعمّ من الواجب والنَّدب ويحتمل الوجوب، «وإن كان» أي هذا الذِّكر اللّساني «منه»، أي مِن مطلَق الذِّكر الشَّديد الذِّكر عند الطّاعة والمعصية، والذِّكر اللِّساني هيِّن بالنّسبة إليه.
والحاصل أنَّ الله سبحانه أمر بالذِّكر ومَدَحه في مواضع كثيرة من الذِّكر الحكيم، لقوله سبحانه: ﴿..اذكروا الله ذكرا كثيرا﴾ الأحزاب:41، وقوله: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال..﴾ الأعراف:205، وقوله تعالى: ﴿الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم..﴾ آل عمران:191، وأصل الذِّكر التّذكُّر بالقلب، ومنه ﴿..اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم..﴾ البقرة:40، أي تذكَّروا.
ثمّ يطلق على الذِّكر اللّساني حقيقة أو من باب تسمية الدالّ باسم المدلول، ثمّ كثَّر استعماله فيه لظهوره حتّى صار هو السّابق إلى الفهم، فنصّ عليه السلام على إرادة الأوّل دون الثّاني فقط، دفعاً لتوهُّم تخصيصه بالثّاني، وإشارة إلى أكمل أفراده. وقال بعضهم: ذكر اللّسان مع خلوِّ القلب عنه، لا يخلو من فائدة، لأنّه يمنعه من التّكلُّم باللَّغو، ويجعل لسانه معتاداً بالخير، وقد يلقي الشّيطان إليه أنَّ حركة اللِّسان بدون توجُّه القلب عَبَثٌ ينبغي تركه، فاللاّئق بحال الذَّاكر حينئذٍ أن يُحضر قلبه رغماً للشَّيطان، ولو لم يُحضره فاللَّائق به أن لا يترك ذكر اللّسان رغماً لأنفه أيضاً، وأن يجيبه بأنَّ اللّسان آلة للذِّكر كالقلب، ولا يُترَك أحدهما بترك الآخر، فإنَّ لكلِّ عضو عبادة.
ثمّ اعلم أنَّ الذِّكر القلبي من أعظم بواعث المحبّة، والمحبّة أرفع منازل المقرَّبين، رَزَقنا اللهُ إيّاها وسائر المؤمنين.
(بحار الأنوار، العلامة المجلسي)


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات