وصايا

وصايا

15/09/2012

أُوصيك يا حَسن، وكفى بك وصيّاً..

أمير المؤمنين عليه السلام:
أُوصيك يا حَسن، وكفى بك وصيّاً..
_____إعداد: علي حمّود_____

ثلاث وصايا لأمير المؤمنين عليه السلام خصّ بها ابنَه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام؛ الأولى عند شهادته صلوات الله عليه، نقلاً عن كتاب (الأمالي) للشيخ المفيد قدّس سرّه، والثانية والثالثة في «ذكر الموت» و«الترفّق في طلب الدّنيا» وردَتا في (نهج البلاغة).

قال الحسن عليه السلام: لمّا حضرت أبي الوفاة أقبل يُوصي، فقال:
هذا ما أوصى به عليُّ بن أبي طالب، أخو محمّدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله، وابنُ عمِّه وصاحبُه:
أوَّلُ وصيّتي أنّي أشهدُ أنْ لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمَّداً رسولُه وخِيَرَتُه، اختارَه بعلمِه وارتضاه بخيرته، وأنَّ الله باعثُ مَن في القبور، وسائلُ النّاس عن أعمالِهم، عالِمٌ بما في الصُّدور.
ثمَّ إنِّي أوصيك يا حسن -وكفى بك وصيّاً- بما وصَّاني به رسول الله صلّى الله عليه وآله، فإذا كان ذلك يا بنيّ فالزَم بيتَك، وابكِ على خطيئتِك، ولا تكن الدّنيا أكبرَ همِّك، وأوصيك يا بنيّ:
1- بالصَّلاة عند وقتها.
2- والزّكاة في أهلِها عند محلِّها.
3- والصَّمت عند الشُّبهة.
4- والاقتصاد والعدل في الرِّضا والغضب.
5- وحُسن الجِوار.
6- وإكرام الضَّيف.
7- ورحمة المَجهود وأصحاب البلاء.
8- وصِلَة الرّحِم.
9- وحبّ المساكين ومجالستهم.
10- والتّواضع فإنّه من أفضل العبادة.
11- وقصر الأمل وذِكْرُ الموت.
12- والزُّهد في الدُّنيا، فإنَّك رهْنُ مَوْت، وَعَرَضُ بلاء، وطريحُ سُقْم.
13- وأوصيك بخشية الله في سرِّ أمرِك وعلانيتك.
14- وأنهاك عن التَّسَرُّع بالقول والفعل.
15- وإذا عَرض شيءٌ من أمر الآخرة فابدأ به.
16- وإذا عرض شيءٌ من أمر الدنيا فتأنّ(ـهْ) حتّى تصيبَ رشدَك فيه.
17- وإيّاك ومواطنَ التُّهمة، والمجلسَ المظنونَ به السُّوء، فإنَّ قرين السُّوء يغُرُّ جليسَه.
18- وكُن لله يا بنيَّ عاملاً، وعن الخَنا زجوراً، وبالمعروف آمراً، وعن المنكَر ناهياً.
19- وآخِ الإخوان في الله، وأحبَّ الصّالحَ لصلاحه، ودارِ الفاسقَ عن دينِك، وأبغِضْه بقلبك، وزايله بأعمالك لئلَّا تكون مثلَه.
20- وإيّاك والجلوس في الطّرقات.
21- ودَعِ المماراة، ومجاراة مَن لا عقل له ولا عِلْم.
22- واقتصِد يا بنيَّ في معيشتك، واقتصِد في عبادتك، وعليك فيها بالأمرِ الدّائمِ الذي تُطيقه.
23- والزم الصَّمت تسْلم، وقدِّم لنفسك تغنم، وتَعلَّم الخير تُعلَّم.
24- وكُن ذاكراً لله على كلِّ حال.
25- وارحَم مِن أهلك الصَّغير، ووقِّر منهم الكبير.
26- ولا تأكلنّ طعاماً حتى تتصدَّق منه قبل أكلِه.
27- وعليك بالصَّوم فإنَّه زكاةُ البدن، وجُنّةٌ لأهلِه.
28- وجاهِد نفسك، واحذر جليسَك، واجتنِب عدوَّك.
29- وعليك بمجالس الذِّكر. وأكثِرْ من الدُّعاء، فإنِّي لم آلُك يا بُنيَّ نصحاً، وهذا فراقُ بَيْني وبينك، وأوصيك بأخيك محمّدٍ خيراً، فإنّه شقُيقك وابن أبيك، وقد تَعلَم حبِّي له، وأمَّا أخوك الحسين فهو ابنُ أمِّك، ولا أزيدك الوصاية بذلك، والله الخليفة عليكم، وإيَّاه أسأل أن يصلحكم وأن يكفّ الطُّغاة البُغاة عنكم والصّبر الصّبر حتى يُنزل اللهُ الأمر، ولا قوّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.
***

فَإِنَّمَا أَهْلُهَا سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ

يَا بُنَيَّ أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ وذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَيْه، وتُفْضِي بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَيْه، حَتَّى يَأْتِيَكَ وقَدْ أَخَذْتَ مِنْه حِذْرَكَ، وشَدَدْتَ لَه أَزْرَكَ، ولَا يَأْتِيَكَ بَغْتَةً فَيَبْهَرَكَ، وإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلَادِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا، وتَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا فَقَدْ نَبَّأَكَ اللهُ عَنْهَا، ونَعَتْ هِيَ لَكَ عَنْ نَفْسِهَا وتَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوِيهَا، فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلَابٌ عَاوِيَةٌ وسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ، يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ويَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا، ويَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا، نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وأُخْرَى مُهْمَلَةٌ، قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا ورَكِبَتْ مَجْهُولَهَا، سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ. [المكان السّهل الكثير الدّهس]

***
إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَكُونَ بَيْنَكَ وبَيْنَ الله ذُو نِعْمَةٍ، فَافْعَلْ

رُوَيْداً يُسْفِرُ الظَّلَامُ، كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ الأَظْعَانُ، يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَلْحَقَ. واعْلَمْ يَا بُنَيَّ، أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُه اللَّيْلَ والنَّهَارَ، فَإِنَّه يُسَارُ بِه وإِنْ كَانَ وَاقِفاً، ويَقْطَعُ الْمَسَافَةَ وإِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً.
واعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ ولَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ، وأَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَخَفِّضْ فِي الطَّلَبِ وأَجْمِلْ فِي الْمُكْتَسَبِ، فَإِنَّه رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ، ولَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرْزُوقٍ، ولَا كُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ، وأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ، وإِنْ سَاقَتْكَ إِلَى الرَّغَائِبِ، فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً.
ولَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وقَدْ جَعَلَكَ الله حُرّاً، ومَا خَيْرُ خَيْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِشَرٍّ، ويُسْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِعُسْرٍ، وإِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ، فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ، وإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَكُونَ بَيْنَكَ وبَيْنَ الله ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وآخِذٌ سَهْمَكَ، وإِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الله سُبْحَانَه أَعْظَمُ وأَكْرَمُ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِه، وإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْه.


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

15/09/2012

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات