أجزاء الفصل الخامس (1) (2) (3) (4) (5) (6)

 

 الشهيد عمارة بن صلخب الأزدي

الشهيد عمارة بن صلخب الأزدي
* على أعتابه
أبى الأزديون إلا أن يكون لهم شرف الحضور في البداية بالشهيد عمارة، وفي الختام بالشهيد ابن عفيف الأزدي.

و الشهيد عمارة كأخيه في السلاح والشهادة عبد الأعلى من القلائل الذين لم يقتصر ذهولهم في غمرة ارتجاج العقول من الإنهيار الكوفي، على آثار الدهشة والولوج في أعماق ذهاب النفس حسرات، بل كان عليه أن يضيف إلى ذلك البحث عن موقف أو مخرج يحتمه هذا السلاح الذي يحمل، ويشهد بأعلى الصوت أنه مع مسلم.

و لقد كان الحسينيون معروفين قبل أن يخلق الله تعالى الخلق، ولو قدر لأحد أن يقرأ أسماء الشيعة في تلك الصحف التي سمح الإمام الباقر عليه السلام لأحدهم بالإطلاع عليها لرأى اسم الشهيد عمارة في أشدها بياض سريرة وحسن عاقبة.

* ضبط الإسم
عمارة بن صلخب الأزدي
عمارة بضم العين على الأشهر
(1) وصلخب على وزن جعفر(2) .

وتتعدد معاني التسمية بلفظة "عمارة" كثيراً كما تتعدد مبانيها، ومن معانيها: بضم العين: الأجر والجزاء، وبفتحها القبيلة، والعمامة وما يعتمر، وبكسرها العمران(3) ويندر الحديث في المصادر عن معنى صلخب إن كان أصلاً، والمستقرب أنه بمعنى صلهب وصلخد اللذين يراد منهما عند التسمية بهما الرجل الطويل، والشديد.(4)

* محاور التعريف بالشهيد
أولاً: ظرف الإعتقال.
ثانياً: في الأسر
ثالثاً: الشهادة.
رابعاً: الرأس إلى الشام

المحور الأول: ظرف الإعتقال
كان اعتقال الشهيد عمارة في نفس الفترة التي وقع فيها اعتقال الشهيد عبد الأعلى من يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة، على مشارف الإنهيار الكوفي ، وإن كان ذلك لم يتضح إلا في وقت متأخر من الليل.

و كان الشهيد في طريقه لينضم إلى الألوف التي بايعت مسلماً لنصرة الإمام الحسين عليه السلام، مستجيباً للنداء الذي كان متفقاً على أنه كلمة السر الفاصلة "يامنصور". (5)

إلا أنه فوجيء بما لم يكن بالحسبان، فقد كان الطاغية ابن زياد قد "أمر محمد بن الأشعث أن يخرج في من أطاعه من كندة وحضرموت فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس".(6) و كان هذا ضمن خطة اقتضت تحريك عدد من وجوه الكوفة المصلحيين، لفتح ثغرات - في ممانعة الجماهير المتوثبة-  تحت ستار "ما لنا وللدخول بين السلاطين".

إلا أن اعتقال كثير بن شهاب للشهيد عبد الأعلى، كما تقدم في ترجمته، واعتقال الشهيد عمارة على يد ابن الأشعث كما يأتي، دليل واضح على أن مهمة جلاوزة الطاغية لم تكن في جوهرها مقتصرة على التهدئة وتخذيل الناس عن مسلم كما ربما يفهم من نص الطبري المتقدم، بل كان ذلك العنوان الذي ينسجم مع طبيعة المرحلة وميزان القوى.

"خرج محمد بن الأشعث حتى وقف عند دور بنى عمارة، وجاءه عمارة بن صلخب الأزدي وهو يريد ابن عقيل عليه سلاحه، فأخذه فبعث به إلى ابن زياد فحبسه"(7)

و لو أن الشهيد تقدم قليلاً لتجاوز هذه المنطقة قبل وصول ابن الأشعث، كما أنه لو تأخر قليلاً لكان التحق في نفس المنطقة بالقوة التي هاجمت ابن الأشعث ومن معه فاضطرتهم إلى التراجع، إلا أن "ما حُمَّ نازل" و"لله أمر هو بالغه".

بعد أن أورد الطبري ما تقدم، قال:

"فبعث ابن عقيل إلى محمد بن الأشعث من المسجد عبد الرحمن بن شريح الشبامى فلما رأى محمد بن الأشعث كثرة من أتاه أخذ يتنحى ويتأخر، وأرسل القعقاع بن شور الذهلى إلى محمد الأشعث: قد حلت على ابن عقيل من الفرار، فتأخر عن موقفه فأقبل حتى دخل على ابن زياد من قبل دار الروميين".(8)

كأن مهمة ابن الأشعث في هذه الجولة انحصرت في اعتقاله للشهيد عمارة.

و على نسق ما تقدم في ترجمة الشهيد عبد الأعلى، ينبغي التنبه إلى ما ورد في النص الذي يتحدث عن اعتقال الشهيد "و هو يريد ابن عقيل عليه سلاحه" فلا يلتفت إلى ما يُشعر به ما في أكثر من مصدر متأخر من تحديد ظرف اعتقاله بمرحلة تفرق الناس عن مسلم، مما قد يوحي بأنه كان ممن تفرقوا، فاعتقل مدبراً، والصواب أنه اعتقل متوجهاً إلى ساحة المعركة والزحف.(9) وسيأتي في نص آخر للطبري وثالث للبلاذري ما يؤكد ذلك.

* المحور الثاني: في الأسر
في منطق الشهادة عناية خاصة بأن تكون على يد شر الخلق، ومن أسباب ذلك أن يقدم الشهيد على مولاه، ودمه المسفوح وثيقة عبوديته وولايته وبراءته، يشهد له بالمعسكر الذي أحب في الله، والمعسكرالذي حارب فيه، علّ هذه الشهادة لا تبقي مجالاً للمداقة في الحساب التي لا ينجو منها أحد، وإن كانت مداقة كل بحسبه. و كلما كان القاتل أو القتلة أشر، كانت الشهادة أوكد.

و يكفي الشهيد عمارة فخراً أن يشرك في دمه ابن الأشعث وابن مرجانة وزياد.

أما الثاني فأمره معروف.

وأما ابن الأشعث فقد تقدم أنه من الوضاعة والغدر والإنحطاط والكفر بحيث إن الإمام الحسين عليه السلام قال في كربلاء لقيس أخيه حين عرض على الإمام أن ينزل "على حكم بني عمه"!: "أنت أخو أخيك"! (10)

اعتقل الشهيد عمارة إذاً، هذا الذي يكفي لذم قيس أن يقال له إنه أخوه!

و في غدره بالشهيد مسلم بن عقيل، يقول شاعر معاصر له:

و قتلت وافد آل أحمد غيلة             وسلبت أسيافاً له ودروعا(11)

و قد روي قول الشاعر بصيغة أخرى تصف موقف ابن الأشعث من الشهيد حجر بن عدي الكندي، ثم موقفه من الشهيد مسلم:

و قتلت عمك لم تقاتل دونه                    فشلاً ولولا أنت كان منيعا
و قتلت وافد آل بيت محمد                    وسلبت أسيافاً له ودروعا
(12)

إنه ابن الأشعث "عرف النار"(13) وأخو جعدة ، و"قيسِ قطيفة"(14) وكفى.

و لئن كان الشهيد عبد الأعلى قد ابتلي بمن يبحث عن فرصة لمزيد من التملق لابن زياد، فقد ابتلي الشهيد عمارة بابن الأشعث!

و لم يأخذه بنفسه إلى ابن زياد، لأنه كان مطمئناً إلى الخدمات الجلى التي تقرب بها إلى الطاغية - والى أبيه من قبل - ومن أبرزها اشتراكه في استدراج الشهيد هانيء إلى الفخ الذي نصب للنهضة كلها، كبداية لقلب الموازين وإعادة إحكام السيطرة على الكوفة.

و لم يكن ظرف الطاغية يسمح بالفتك مباشرة، فقد كان جل همه "أن يمسك بباب القصر"(15) لذلك أودع الشهيد السجن.

*المحور الثالث: الشهادة
هل التقى الشهيدان عبد الأعلى وعمارة في السجن، يقرِّب ذلك أن الشهيد ميثم التمار والمختار وغيرهما كانوا مسجونين في مكان واحد.

إذا التقيا فللجو طابع من نوع خاص، وهل وجدا أحداً ممن سبقهما؟

و إذا كان كل من المعتقلين في مكان، فللغربة في هذه الحراجة وطأة أين منها ثقل الرواسي.

و بما أنه لا سبيل إلى معرفة الإجابة، فلتقتصر قراءة حديث مقتضى الحال على ليلة الشهادة.

أمضى عمارة شطراً من ليلته وهو- لابد-  يتوقع اقتحام الجموع السجن وإخراج من فيه إيذاناً بتنفس صبح انعتاق الكوفة من أسر بني أمية، والشطر الآخر- بعد أن تلاشت الجلبة من الشوارع رويداً رويداً - على أحر من الجمر.

كان كل شيء متوقعاً، إلا ماحدث!

و لا ندري متى عرف الشهيد بواقع الحال، أكان مايزال في السجن، أم في الطريق إلى ابن زياد؟ أم في مجلسه؟

"و أخرج عمارة بن صلخب الأزدي وكان ممن يريد أن يأتي مسلم بن عقيل بالنصرة لينصره، فأتي به أيضا عبيدالله فقال له ممن أنت قال من الأزد قال انطلقوا به إلى قومه فضربت عنقه فيهم"(16)

و في الأزد كما في غيرهم الصالح والطالح ولهم من المواقف كما لغيرهم، إلا أن ازدراء ابن زياد لهم، واستصغاره لشأنهم، يتضمن اعترافاً خفياً منه بشدة وطأتهم عليه، مما حمله على كسر شوكتهم بقتل ابنهم بين ظهرانيهم، فهو لم يأمر أن يفعل ذلك بالشهيد عبد الأعلى بل أمر بأن يؤخذ إلى "جبانة السبيع".

ولئن كان الطاغية ناكراً للجميل، مصراً بشراسة على أن لا يحفظ للأزد حمايتهم لأبيه يوم التجأ إليهم من غضبة الجماهير في البصرة، فإن القدر يخبيء له بدوره أنه سيندس في مخابيء الأزد في البصرة، بعد موت يزيد هرباً من الجموع الغاضبة، قبل أن يختبيء تحت بطن ناقة، فرقاً من كوكبة من الطالبين بثارات الحسين(17) في طريق تسلله إلى الشام تحت جنح الظلام.(18)

لعل دمك أيها الشهيد الجليل، هو الذي أيقظ إلى حدود نخوة الأزد حين بادر الجلاوزة لاعتقال الشهيد عبدالله بن عفيف بعد دخول السبايا الكوفة.

* المحور الرابع: الرأس إلى الشام
من الثابت أن ابن زياد أرسل برأسي الشهيدين مسلم وهانيء إلى يزيد بالشام، ولكن هل أرسل غير هذين الرأسين؟

باستثناء ما سيأتي من البلاذري، لم أجد في ما رجعت إليه من المصادر من تعرض لذلك.

قال البلاذري:
" قالوا : وخرج عمارة بن صلحب
(19) الأزدي [ كذا ] وكان ممن أراد نصرة مسلم [ فأخذه أصحاب ابن زياد ، فأتوه به ] فأمر به فضربت عنقه في الأزد، وبعث برأسه مع رأس مسلم وهانيء [ بن عروة ] إلى يزيد بن معاوية، وكان رسوله بهذه الرؤوس هانيء بن أبي حية الوادعي من همدان ".(20)

و يرفع استبعاد أن يكون ابن زياد قد أرسل ثلاثة رؤوس مع أن المستشهدين في الكوفة أكثر من ذلك - و يأتي مزيد إيضاح - أمران:

الأول: أن تاريخ استشهاد الباقين - عدا الشهيد عبد الأعلى الكلبي- غير معلوم والراجح أنه متأخر بحيث لا مجال للسؤال عن عدم إرسال رؤوس هؤلاء الشهداء إلى الشام، مع رأسي الشهيدين مسلم وهانيء.
الثاني: أن قبيلة الشهيد عبد الأعلى الكلبي، كانت ذات ثقل سياسي كبير في الشام، وليس من مصلحة النظام حمل رأس أحد أبنائها إليها.

يقول ابن خلدون:
" وكان لقضاعة ملك آخر في كلب بن وبرة يتداولونه مع السكون من كندة فكانت لكلب دومة الجندل وتبوك ودخلوا في دين النصرانية وجاء الاسلام والدولة في دومة الجندل لاكيدر بن عبد الملك بن السكون ويقال انه كندي من ذرية الملوك الذين ولاهم التبابعة على كلب فأسره خالد بن الوليد وجاء به إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فصالح على دومة وكان في أول من ملكها دجانة بن قنافة بن عدى بن زهير بن جناب. قال وبقيت بنو كلب الآن في خلق عظيم على خليج القسطنطينية منهم مسلمون ومنهم متنصرون"
(21)

و بناء على ما تقدم فالظاهر أن رأس الشهيد عمارة كان بين الرؤوس التي أرسلت إلى الشام.

و هي مكرمة أخرى تضاف إلى سجل هذا الشهيد الجليل.

كما كان من طلائع أصحاب الحسين، كان رأسه بين الرؤوس الطليعة التي قدمت كل ما تملك فداء لرأس سيد الشهداء عليه السلام.

ليهنك الفوز المبين أيها الرائد الحسيني، ولتغمر فرحة الأمنية، وليعمر الأمل الباسم قلوباً تمضي العمر تحلم بتقديم الرأس فداء للحسين .

و ليتماوج شعاع من سنا حبك لأبي عبدالله ونور حبه لك، فتشرق أرض قلوب جديبة متصخرة لم يلامس هذا الأمل شغافها ولا السطح.

و هل الوصول إلى الحسين إلا بالحسين.

اللهم اجعلنا وجهاء عندك بالحسين عليه صلواتك والسلام.

 

الشهيد ميثم التمار

* على أعتابه
كما يدل الشذا على العطر، تأخذ الصفوة من حواريي علي عليه السلام بمجامع القلوب إلى خصائصه، حالهم في ذلك حاله مع المصطفى الحبيب ولا قياس.

و استفت قلبك تجد الجواب.
أسمِعه اسم الأصبغ، أو كميل، أو حبة، أو قنبر، أو رُشيد، أو ميثم.. وأحسن الإستماع إلى تماوج شغافه والترنيمات.

أنشودتان مختلفتان جذرياً، حدَّ العجز عن إدراك سر الإختلاف، ومتحدتان كلياً حد القصور عن فهم سبب الإحساس بهذا التوحد، أنشودة ميثم وسربه، وأنشودة سلمان وسربه، ومن سربه أبو ذر والمقداد وعمار.

هل هو الظرف والمناخ يمنح تضوع الشذا التعدد الموهوم والدخيل؟

أم أنها إعاقة مشامّ القلب؟

على أعتابهم تتعاظم أمنية: أن لا يكون هذا الإحساس العاجز مؤشر الرين أو دليله.

و تتعاظم كذلك دورة القلب الشديد التقلب، فيتعاظم الإحساس بالعجز والقصور وعدم الفهم.

ما يمكن للقلب الركون إليه أن تقلُّب جبهته على أعتابهم، يلح عليه بالمضي قدماً، وبأنَّ له وعليه أن يكون بين الخوف من أن تحيط به الذنوب، وبين الرجاء بأن يوصله نور حبهم، أو يصله، لا فرق.

***

و ما أدراك ما ميثم؟!

رسول الله يحدث عنه أمير المؤمنين صلى الله عليهما وآلهما في جوف الليل.

و الشاهد أم سلمة.

و لا يمكن أن يكون الحديث منفصلاً عن كربلاء التي استشهد ميثم في البارز من مقدماتها.

و ميثم يحدث المختار بما قُدر له في ما بعد من قتل ابن زياد والقتلة.

و حبيب يحدث ميثماً، وميثم يحدثه بما جرى لكل منهما.

أمام أي لون من الحقائق نحن؟

و بين يدي أي لون من الناس؟

و هل تمشي الأملاك على وجه الأرض؟

أستغفر الله .. وهل للملائك من مهمة إلا خدمة أولياء الله.

حتى الماء في عالم الشهادة، يوهمك بأنه أنزل القمر من عليائه، فإذا بك تراه في قعر المنحدر.

و القمر القمر.. وميثم ميثم.. والسرب السرب..

وكلٌّ إلى ذاك الجمال يشير.

جمال المعصوم، وهو فيض جمال العاصم.

و السكوت بالمقيم على الطاعة أولى، فكيف بالمقيم على الهوان ؟

جاؤوا إلى الدنيا شعاع الرسالة في خطى الرسول ونفسه التي بين جنبيه، فكانوا التجلي الثاني بعد المعصومين لعظيم رحمة الله بهذا الكبَد، الخصيم المبين.

ميثم وكل سربه، رسلُ "يا حسرةً على العباد"! ليقدموا النموذج - الممكن بعد المعصوم- للمأسوف عليه إن لم يدرك بهم أن بوسع التراب أن يبلغ ذرى جوار المصطفى الحبيب وآله في طوبى القرب من رب الأرباب، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

* ضبط الإسم
مِيثم بن يحيى التمار النهرواني
(22)
" ميثم بكسر الميم وإسكان الياء المثناة التحتانية وفتح المثلثة قال بعض مشايخنا البحرينيين في كتابه المسمى بلؤلؤة البحرين ".." كلما وجد ميثم فهو بكسر الميم الأولى إلا ميثم البحرينى والد ابن ميثم شارح الشروح الثلاثة على نهج البلاغة. وقال بعض العلماء أيضا في ميثم التمار بكسر الميم ولم يأت بالفتح إلا ميثم البحرينى وهو من المتأخرين".
(23)

" والتمّار بالتثقيل: الذي يبيع التمر. ومنه " ميثم التمار " صاحب علي عليه السلام".(24)

"و النهرواني، بفتحات وسكون الهاء إلى نهروان بلد قرب بغداد"(25)

"و أكثر ما يجري على الألسن بكسر النون، وهي ثلاث نهروانات الأعلى والأوسط والأسفل، وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي، حدها الأعلى متصل ببغداد "..." وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ".." مع الخوارج مشهورة، وقد خرج منها جماعة من أهل العلم والأدب، فمن كان من مدنها نسب إلى مدينة، ومن كان من قراها الصغار نسب إلى الكورة، وهو (أي نهروان) نهر مبتدؤه قرب تامرا أو حلوان فإني لا أحققه ولم أر أحداً ذكره، وهو الآن خراب ".." والعامة يقولون نهروان بكسر النون على خطأ "..." وأضاف في سياق حادثة طريفة أن "نهروان الشرق" غير" نهروان الغرب" وأن " بالمغرب موضعاً يعرف بالنهروان غير نهروان العراق".(26)

و يمكن في ضوء ما تقدم استنتاج أن الشهيد ينسب إلى نهروان الغرب أي الأهواز وما يقرب منها.

*محاور التعريف بالشهيد
1- شذرات من سيرته
2- كربلائياته
3- الشهادة

في المحور الأول:
" ميثم بن يحيى التمار : عده الشيخ ( تارة ) في أصحاب علي عليه السلام. و( أخرى ) في أصحاب الحسن عليه السلام ، قائلا : " ميثم التمار " . و( ثالثة ) في أصحاب الحسين عليه السلام. وعده البرقي من أصحاب علي عليه السلام من شرطة الخميس ، قائلا : " ميثم بن يحيى التمار ، مولى " . وتقدم عن الشيخ في ترجمة علي بن إسماعيل بن ميثم التمار ( 376 ) : أن ميثماًٍ من أجلة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام . وعده الشيخ المفيد - قدس سره - في الإختصاص؟ : من أصفياء أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس . وعده ابن شهراشوب من أبواب الحسن بن علي عليهما السلام".
(27)

" كان ميثم كوفياً، صرح به الشيخ وسائر المشايخ في ترجمته وتراجم أولاده وأحفاده، وكان نهروانياً، كما في الكشي. وكان مولى بنى أسد . صرح به البرقى، والصدوق، والكشى والمفيد والنجاشى والشيخ وغيرهما ".." وكان تماراً قد اشتهر بذلك بين الناس وصرح به الأصحاب. " و" كان ميثم من أصحاب امير المؤمنين عليه السلام، ومن أجلة اصحابه كما في الفهرست، ومن حوارييه عليه السلام كما رواه الكشي والمفيد في الإختصاص، ومن السابقين المقربين إليه عليه السلام كما رواه المفيد في الاختصاص، ومن أصفياء أصحابه عليه السلام كما رواه في الإختصاص. بل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكره ويوصى به علياً عليه السلام في جوف الليل رواه المفيد في الإرشاد ، وفضائله كثيرة مشهورة. و قد قتل وصلب في حب أمير المؤمنين عليه السلام ".(28)

وقع الشهيد ميثم الأعجمي في أسر القوات الإسلامية في حروب الفتح (29) فصار عبداً لامرأة من بني أسد(30) وهذا يعني أنه "لم يدرك صحبة النبي صلى الله عليه وآله"(31) إلا أن تميزه كان السبب في أن رسول الله كان يحدث علياً عنه في جوف الليل كما حدثته بذلك أم المؤمنين أم سلمة عند زيارته لها في المدينة المنورة، في سفره الذي استشهد بعد الرجوع منه.(32) وكما سنجد التصريح بذكر المصطفى له في حواره الآتي مع الأمير عليه السلام.

و بناء على هذه الوصية في ما يبدو فإن أمير المؤمنين عليه السلام قد اشتراه من تلك المرأة وأعتقه(33)

و عندما اشتراه الأمير وأعتقه قال له:

" ما اسمك ؟

فقال : سالم.

فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أن اسمك الذى سماك به أبوك في العجم ميثم.

فقال : صدق الله ورسوله، وصدقت يا أمير المؤمنين، فهو والله اسمي.

قال : فارجع إلى اسمك، ودع سالماً، فنحن نكنيك به، فكناه أبا سالم".(34)

و هل نطيق بعد ذلك مع ميثم صبراً، فضلاً عن أن نحيط به خبرا؟

يكشف ما تقدم أنه من معدن محمدي شديد الخصوصية، معدن تحمُّل العلم الجم والعمل به.

و يبدو من ملاحظة مجموع سيرته أن ذلك كان محور وصية المصطفى للأمير بتعاهده بالرعاية.

و قد عرف ميثم بملازمته للأمير عليه السلام، الذي " أطلعه ".." على علم كثير، وأسرار خفية من أسرار الوصية، فكان ميثم يحدث ببعض ذلك، فيشك فيه قوم من أهل الكوفة، وينسبون علياً عليه السلام في ذلك إلى المخرقة والايهام والتدليس"!!(35)

لم يكن الناس من حوله يفهمون لغته، فكانوا ينسبونها إلى الرجم بالغيب، ثم تأتي الوقائع بتأكيدها.

و هو ما يشي بأنه كان مكلفاً بكل ما قاله، لأن أهم مميزات حملة العلم الجم أن يجيدوا حمله، ويصونوه إلا عن أهله ولو كان هؤلاء الأهل مجرد نقلة، فرب ناقل فقه إلى من هو أفقه منه.

و ما كل مختص بالأمير هو من حملة العلم الميثمي، حتى إذا كان هذا المختص بوزن ابن عباس!

مهمة ميثم ذات طابع خاص، لأن ميثماً من نوع خاص.

"حج "ميثم" في السنة التى قتل فيها، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها، فقالت له: من أنت؟ قال : عراقى، فاستنسبته، فذكر لها أنه مولى علي بن أبى طالب، فقالت : أنت هيثم ، قال : بل أنا ميثم، فقالت : سبحان الله ! والله لربما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، يوصى بك علياً في جوف الليل، فسألها عن الحسين بن علي، فقالت : هو في حائط له، قال : أخبريه أنى قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله، ولا أقدر اليوم على لقائه وأريد الرجوع، فدعت بطيب فطيبت لحيته، فقال لها: أما إنها ستخضب بدم، فقالت: من أنباك هذا؟ قال: أنبأني سيدي، فبكت أم سلمة، وقالت له: إنه ليس بسيدك وحدك، هو سيدى وسيد المسلمين، ثم ودعته".(36)

و قد روى حمزة(37) ابن الشهيد ميثم ما حدثه به أبوه عن توجهه إلى الحجاز، فأورد تفاصيل هامة.

" عن حمزة بن ميثم ، قال : خرج أبي إلى العمرة، فحدثني، قال : إستأذنت على أم سلمة رحمة الله عليها، فضربت بيني وبينها خدراً ، فقالت لي: أنت ميثم ؟ فقلت : أنا ميثم، فقالت : كثيراً ما رأيت الحسين بن علي إبن فاطمة صلوات الله عليهم ذَكَرك، قلت: فأين هو ؟ قالت : خرج في غنمٍ له آنفاً، قلت : أنا والله أُكثر ذكره، فاقرئيه السلام فإني مبادر، فقالت : يا جارية أخرجي فادهنيه، فخرجت فدهنت لحيتي ببان، فقلت: أما والله لئن دهنتها لتخضبن فيكم بالدماء، فخرجت فإذا ابن عباس رحمة الله عليهما جالس، فقلت : يا ابن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن، فإني قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام وعلمني تأوليه، فقال: يا جارية الدواة وقرطاساً، فأقبل يكتب. فقلت: يا ابن عباس كيف بك إذا رأيتني مصلوباً تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم بالمطهرة، فقال لي : وتَكَْهُن أيضاً. خرَّق الكتاب، فقلت: مه احتفظ بما سمعت مني، فان يك ما أقول لك حقاً أمسكته، وإن يك باطلاً خرقته قال : هو ذاك . فقدم أبي علينا فما لبث يومين حتى أرسل عبيدالله بن زياد، فصلبه".(38)

يوغل هذا النص وما قبله في فرادة التعريف بالشهيد ليقدماه في الموقع الذي لا يرقى إليه ابن عباس على علو قمته، أثيراً عند خير خلق الله تعالى، يوصي به في جوف الليل.

عاشر عشرة، أصحاب الأخدود
معلمان بارزان في نصوص التعريف بالشهيد ميثم، ينبغي الوقوف عندهما باهتمام

وهما: معلم عاشر عشرة، ومعلم أصحاب الأخدود.

جاء في عدد من أمهات المصادر المختلفة قول أمير المؤمنين لميثم:

" وتصلب على باب عمرو بن حريث عاشر عشرة وأنت أقصرهم خشبة وأقربهم من المطهرة".(39)

فما هي قصة هؤلاء العشرة، الذين يأتي الشهيد ميثم عاشرهم، ومن هم؟

* أما قصتهم فقد روي عن ميثم قوله:

" سمعت أمير المؤمنين عليه السلام وذكر أصحاب الأخدود فقال: كانوا عشرة، وعلى مثالهم عشرة، يقتلون في هذا السوق".(40) و المراد سوق الكوفة.

و في بيان سبب قتل العشرة الذين هم كأصحاب الأخدود، وردت بعض التفاصيل، منها:

"عن أبي جعفر الإمام الباقر عليه السلام قال: أرسل علي عليه السلام إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الأخدود، فأخبره بشئ، فقال عليه السلام: ليس كما ذكرت، ولكن سأخبرك عنهم: إن الله بعث رجلاً حبشياً نبياً، وهم حبشة، فكذبوه فقاتلهم فقتلوا أصحابه، وأسروه وأسروا أصحابه، ثم بنوا له حثيرًا(41) ثم ملأوه ناراً، ثم جمعوا الناس، فقالوا: من كان على ديننا وأمْرنا فليعتزل، ومن كان على دين هؤلاء، فليرم نفسه في النار معه، فجعل أصحابه يتهافتون في النار، فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر، فلما هجمت على النار، هابت ورقَّت على ابنها، فناداها الصبي: لا تهابي وارمي بي وبنفسك في النار، فإن هذا والله في الله قليل! فرمت بنفسها في النار، وصبيها، وكان ممن تكلم في المهد".(42)

و المتحصل مما تقدم وغيره أن مهمة أصحاب الأخدود ومن هم مثلهم مهمة استثنائية لا تخضع للمقاييس الإعتيادية، وهي مهمة لا ينهض لها إلا الأبدال من أهل البصائر، ليحفظ الله تعالى بهم معالم الحق من أن تندرس، وبذلك تصبح حركة الدين الحق بعدهم مرتبطة بهم تلقائياً، فهم الشركاء المؤسسون لكل صلاة بعدهم وصوم، وكل جهاد بالكلمة، أو باليد، وكل عمل صالح على الإطلاق.

من هذا المعدن هو الشهيد ميثم.

و يتعاظم الموقف ألقاً، حين يكون بوسع المجاهد "أن يتخذ هذا الليل جملاً " إلا أنه يقدم على الموقف الصعب بملء اختياره.

قال السيد الخوئي رحمه الله:
" يظهر من هذه الروايات، ومن غيرها، أن جماعة من أصحاب أمير المؤمنين، وأصحاب الحسين عليهما السلام كانوا مجاهرين في حب أهل البيت، وبيان فضائلهم، والبراءة من أعدائهم، وسبب ذلك انتهاء أمرهم إلى الحبس والقتل، ولا شك في أن ما ارتكبوه من ترك التقية كان وظيفة خاصة لهم، وبذلك تمكنوا من إتمام الحجة على الأعداء، ومن نشر فضائل الأئمة سلام الله عليهم، وإن عملهم هذا يشابه عمل سيدهم ومولاهم الحسين بن علي عليهما السلام، حيث فدى بنفسه في سبيل الدين ونشر أحكام سيد المرسلين، هذا ويظهر مما رواه محمد بن يعقوب، أن التقية كانت جائزة على ميثم وأنه لم يكن ممنوعاً منها. فقد روى بسنده عن محمد بن مروان، قال : قال لي أبو عبدالله عليه السلام : ما منع ميثم - رحمه الله - من التقية ؟ فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه
( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ).
(43) وعليه ، فاختياره ترك التقية كان تضحية منه في سبيل الدين، وإيثاراً منه الآخرة على الأولى، على ما دلت عليه الروايات المتقدمة .(44)

* وأما تحديد مثل أصحاب الأخدود من هذه الأمة، ومن هم؟ فيبدو ذلك متعسراً، حيث لم أجد تصريحاً بتسميتهم، نعم وردت خصوصيات تمكن من تسمية بعضهم واحتمال البعض الآخر.

"قال مقاتل : كان أصحاب الأخدود ثلاثة واحد بنجران، والآخر بفارس، حرقوا بالنار..."

فهل يمكن البحث عن المقصود بمثلهم، بين من قتل من العشرة في الكوفة وغيرها، ويكون المراد بتعبير "في هذا السوق" الأغلبية ؟

الأرجح ذلك ويدل عليه ما أورده ابن عساكر "عن علي بن أبي طالب قال يا أهل الكوفة سيقتل فيكم سبعة نفر خياركم مثلهم كمثل أصحاب الاخدود منهم حجر بن الأدبر وأصحابه قتلهم معاوية بالعذراء من دمشق كلهم من أهل الكوفة أخبرناه عالياً أبو عبدالله الفراوي .(45)

و مع أن الظاهر أن ما روي عن الأمير عليه السلام ينتهي عند: أصحاب الأخدود، والباقي شرح من الراوي أو ابن عساكر، إلا أن الملفت أنه روى عن الأمير عليه السلام حديثاً آخر ورد فيه التصريح بمكان القتل خارج الكوفة، مما يعني أن مصاديق "مثل أصحاب الأخدود" لا تنحصر بمن يقتل في سوق الكوفة.

قال ابن عساكر: "عن عبدالله بن زرير الغافقي قال سمعت علي بن أبي طالب يقول يا أهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود. يعني قتل حجر وأصحابه انتهى".(46)

و نجد في رواية أخرى التصريح ببعض أسماء هؤلاء الشهداء العشرة وبينهم حجر، فقد روي عن الإمام الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام في حديث طويل أن الأمير عليه السلام قال للشهيد ميثم: " وليقطعن النخلة التى بالكناسة فتشق أربع قطعات وتصلب أنت على ربعها، وحجر بن عَدي على ربعها، ومحمد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها".(47)

و في معرض ترجمة السيد الخوئي لخالد بن مسعود قال:" يأتي في ترجمة ميثم التمار ، أنه أحد الأربعة المصلوبين في ولاء علي عليه السلام".(48)

و في ترجمة محمد بن أكثم، قال: " يأتي من الكشي في ترجمة ميثم التمار، أنه أحد الأربعة الذين أخبر أمير المؤمنين عليه السلام، أنهم يصلبون في محبة أمير المؤمنين عليه السلام". (49)

و لم أجد أنه ذكر شيئاً يرتبط بالمقام في ترجمة حجر.

فهل العشرة الذين كان الشهيد ميثم عاشرهم، هم المقتولون بعذراء، بالإضافة إلى خالد بن مسعود، ومحمد بن أكثم، وميثم؟

يطرح هذا الإحتمال أن المقتولين في عذراء هم سبعة، حيث " قال شيخنا محمد بن مكي المعروف بالشهيد الأول قدس الله روحه: الشهداء الذين بعذراء دمشق الذين قتلهم معاوية بعد أن بايعوه وأعطاهم العهود والمواثيق: حجر بن عدي الكندي حامل راية النبي صلى الله عليه وآله وولده همام وقبيصة بن ضبيع العبسي وصيفى بن فسيل(50) وشريك بن شداد الحضرمي ومحرز بن شهاب السعدي وكدام(51) بن حيان العبدى كلهم في ضريح واحد في جامع عذراء"(52)

و لكن يبعد الإحتمال المذكور أن الظاهر من تعبير "في هذا السوق" أن أكثر العشرة يقتلون في الكوفة، وليس العكس.

ثم إن عدد من قتل في الكوفة في محبة أمير المؤمنين عليه السلام كثير، وبينهم من الأبدال كالشهيد رُشيد، من يحتمل قوياً كونه من العشرة الذين مثلهم مثل أصحاب الأخدود. والله العالم.

و الأشد إلفاتاً في ذلك كله، أن النص يصرح بأن الشهيد حجر بن عدي يصلب على ربع من نفس النخلة التي صلب عليها الشهيد ميثم، وليس ذلك بمستحيل، إلا أنه مما لا يمكن إثباته، إلا بثبوت النص عن الأمير عليه السلام، وليست الغرابة مسوَّغاً لنفيه.(53)

و الخلاصة أن سرب الشهيد ميثم هذا السرب المحلق في أعلى عليين، سرب "أصحاب الأخدود" من هذه الأمة الوسط الذين لو نزل القرآن بعد شهادتهم لحدث الأجيال عنهم.

و كذلك هم الحسينيون، وميثم بينهم في موقع الريادة.

*المحور الثاني: كربلائياته
إن النصين اللذين تقدمت الإشارة إلى فرادتهما في باب التعريف بالشهيد ميثم، يتسمان أيضاً بفرادة تقديمه حسينياً بامتياز لا لأنه يكثر ذكره، بل لأن لحيته ستخضب فيه ليصح أنها خضبت "فيهم" بالدماء، وأنه مع الحسين عليه السلام، ومَن غيرُ "الذين بذلوا مهجهم دون الحسين" يمكن أن يكتمل به الجمع، ليقول الشهيد المشهود له بالبلاغة: "و نحن ملتقون عند رب العالمين".
(54)

و هل خصائص الحسيني غير الحب والجهاد والشهادة.

و هل ميثم غير التمحض في هذه الخصائص؟

علامة الحب الذَّكر، وأفضل الجهاد كلمة حق في غياهب ظلمات الطواغيت، وأفضل الشهادة الإصرار على معانقتها بملء الإختيار.

و قد كان ميثم ذاكراً لله تعالى بالحسين عليه السلام، مصحراً بكلمة الحق، متلهفاً على اللحظة التي تخضب فيها لحيته بدم الشهادة الحسينية.

* مِن ذكره لسيد الشهداء الحديث عن محطات وصوله إليه.

ومن هذه المحطات الزمنية:

1- موت معاوية بداية العد العكسي لانطلاقة كربلاء:
كان ميثم في سفينة في الفرات، وهبت ريح " فخرج فنظر إلى الريح فقال: شدوا برأس سفينتكم إن هذه ريح عاصف مات معاوية الساعة".
(55)

2- تحديد وقت شهادته: في سياق أحداث الكوفة.
قال الشهيد: "إني أخرج العام إلى مكة فإذا قدمت القادسية راجعاً، أرسل إلي هذا الدعي ابن زياد رجلاً في مائة فارس، حتى يجئ بي إليه".
(56)

و من ذكره لسيد الشهداء عليه السلام الحديث عن شهادة حبيب بين يديه والإشارة إلى حمل الرؤوس إلى الكوفة:

" مر ميثم التمار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلف أعناق فرسيهما، ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق(57) ، قد صُلب في حب أهل بيت نبيه عليه السلام، ويبقر بطنه على الخشب. فقال ميثم: وإني لأعرف رجلاً أحمر له "ضفيرتان" يخرج لينصر ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة. ثم افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحداً أكذب من هذين، قال : فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رُشيد الهجري، فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما؟ فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا. فقال رشيد : رحم الله ميثماً نسي: ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم، ثم أدبر، فقال القوم : هذا والله أكذبهم. فقال القوم: والله ما ذهبت الأيام والليالي حتى رأيناه مصلوباً على باب دار عمرو بن حريث، وجيء برأس حبيب بن مظاهر"و" قد قتل مع الحسين عليه السلام ورأينا كل ما قالوا".(58)

و من ذكره أيضاً لسيد الشهداء، حديثه الوافي عن شهادته وتحديد تاريخها والإخبار ببعض أبرز الملامح بعدها:

عن جبلة المكية قال "ت" سمعت ميثم التمار يقول : لتقتلن هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه، وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة وإن ذلك لكاين قد سبق في علم الله تعالى ذكره.

"أعلمُ ذلك بعهدٍ عهده إلى مولاي أمير المؤمنين عليه السلام، ولقد أخبرني أنه يبكي عليه كل شيء حتى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار، والطير في جو السماء، فتبكي عليه الشمس والقمر، والنجوم والسماء، والأرض ومؤمنو الإنس والجن، وجميع ملائكة السموات، ورضوان، ومالك، وحملة العرش، وتمطر السماء دماً ورماداً، ثم قال:

وجبت لعنة الله على قتلة الحسين عليه السلام، كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

" قالت جبلة: فقلت له يا ميثم وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يوم بركة؟

" فبكى ميثم ثم قال: سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم ( عليه السلام ) وإنما تاب الله على آدم ( عليه السلام ) في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت، وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة، ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي، وإنما استوت على الجودي في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي فلق فيه البحر لبني إسرائيل وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول، ثم قال ميثم رحمه الله يا جبلة "اعلمي" أن الحسين بن علي ( عليهما السلام ) سيد الشهداء يوم القيامة ولأصحابه على ساير الشهداء درجة. يا جبلة إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط فاعلمي أن سيدك الحسين ( عليه السلام ) قد قتل. قال "ت" فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنه الملاحف المعصفرة فصحت حينئذ وبكيت وقلت قد والله قتل سيدنا الحسين بن علي ( عليهما السلام )".(59)

* المحور الثالث: الشهـادة
بلغت دورة شمس ميثم التمام، وآن لهذا الغريب أن يحط عصا الترحال، و بدأت دورة يقين المشككين بالأمس بكل ما قال.

أما النخلة التي حدثه عنها الأمير عليه السلام وتحدث هو عنها، فقد كانت أول من اعترض ابن زياد في الكوفة:

" فلما ولي عبيدالله بن زياد الكوفة، ودخلها تعلق عَلَمه بالنخلة، فأمر بقطعها فاشتراها رجل من النجارين فشقها أربع قطع".(60)

و لكي لا يختلط الأمر على أحد، وليبرهن الشهيد على مبلغ ما أوتي بفضل الله تعالى من علم المعصوم " قال ميثم فقلت لصالح ابني فخذ مسماراً من حديد، فانقش عليه اسمي واسم أبي ودقَّه في بعض تلك الأجذاع".(61)

و" قال صالح فمضيت بعد ذلك بأيام فإذا هو قد صلب على الربع الذى كنت دققت المسمار فيه". (62)

و جاء موعد سفره إلى الحجاز مودعاً حرم الله تعالى والمصطفى الحبيب، وكان لقاؤه أم سلمة رضوان الله تعالى عليهما كما تقدم، وهو يعلم أن الشهادة بانتظاره.

" فأرسل الطاغوت عبيدالله بن زياد لعنه الله (إلى) عريف ميثم يطلبه منه فأخبره أنه بمكة، فقال : لئن لم تأتني به لأقتلنّك فأجّله أجلاً، وخرج العريف الى القادسية ينظر ميثم، فلما قدم ميثم أخذ بيده فأتى به إلى ابن زياد لعنه الله".(63)

و كان الشهيد قد سهّل على العريف مهمته، فقد حدثه مسبقاً بما سيكون من طلب ابن زياد له منه، وأنه سينتظره بالقادسية:

" فكان ميثم يقول لعريف قومه: كأني بك وقد دعاك دعيّ بني أمية يطلبني منك، فتقول: هو بمكة، فيقول: لابد من أن تأتيني به من حيث كان، فتخرج إلى القادسية فتقيم بها إلى أن أقدم عليك من مكة، فتذهب بي إليه".(64)

و هنا احتمالان:
1- أن يكون الشهيد قد توجه إلى الحجاز بعد أن دخل على ابن زياد في وفد من أهل السوق، كما ورد في رواية أخرى
(65) وأن تكون وشاية عمرو بن حريث به بعد خروجه من المجلس وليس فيه، كما هو مقتضى الأمر عادة، إلا أن النص يدل على أن الوشاية كانت في المجلس نفسه.

2- لكن النص لا ينافي - وإن كان موهماً - أن تكون الوشاية في المجلس، وأن ابن زياد اكتفى في ذلك المجلس بالتهديد ثم قرر التنفيذ في حين كان الشهيد قد توجه إلى مكة.(66)

و على أي حال فالراجح أن الشهيد قد اعتقل بعد رجوعه من مكة.

كان أمير المؤمنين عليه السلام قد حدثه بتفاصيل ما يجري له بعد اعتقاله، وكان ذلك معروفاً عند غير ميثم من خواص أمير المؤمنين، كما تقدم في حديث الشهيد حبيب بن مظاهر مع الشهيد ميثم، ومن غير الخواص ممن كانوا يشكون في ما يسمعون.

و كان من جملة ما قاله له الأمير عليه السلام:

" كيف أنت إذا دعاك دعي بني أمية عبيدالله بن زياد إلى البراءة مني ؟

"فقلت": ياأمير المؤمنين، أنا والله لاأبرأ منك.

قال: إذاً والله يقتلك ويصلبك.

قلت : أصبر، فذاك في الله قليل.

قال : يا ميثم إذاً تكون معي في درجتي".(67)

و ها هو كل ما قاله عليه السلام وحدث به من عرفه منه، يتحقق كما قال حرفاً بحرف.

قدم ميثم الكوفة " فأخذه عبيدالله بن زياد فأدخل عليه {فقيل} له هذا كان آثر الناس عند علي قال ويْحكم هذا الأعجمي؟! فقيل له نعم.

فقال له" أين ربك؟

قال: بالمرصاد للظلمة وأنت منهم.

قال إنك على أعجميتك لتبلغ الذي تريد. أخبرني ما الذي أخبرك صاحبك أني فاعل بك؟

- أخبرَني أنك تصلبني عاشر عشرة وأنا أقصرهم خشبة وأقربهم من المطهرة.

- لنخالفنه.

- كيف تخالفه؟! والله ما أخبرني إلا عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم عن جبرائيل عن الله. ولقد عرفت الموضع الذي أصلب فيه وإني أول خلق الله ألجم في الاسلام.

فحبسه وحبس معه المختار بن عبيد فقال ميثم للمختار: إنك ستفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين فتقتل هذا الذي يريد أن يقتلك.

فلما أراد عبيدالله أن يقتل المختار، وصل بريد من يزيد يأمره بتخلية سبيله فخلاه، وأمر بميثم أن يصلب، فلما رفع على الخشبة عند باب عمرو بن حريث قال عمرو: قد كان والله يقول لي إني مجاورك.

فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد قال: ألجموه. فكان أول من أُلجم في الاسلام، فلما كان اليوم الثالث من صلبه طعن بالحربة فكبّر. ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً

وكان ذلك قبل مقدم الحسين العراق بعشرة أيام".(68)

وتجدر الإشارة إلى أن المراد بقوله " قبل مقدم الحسين بعشرة أيام" يمكن أن ينطبق على اعتقال الشهيد ميثم، وأما شهادته فهي بعد شهادة الإمام عليه السلام، بدليل ماحدث به الشهيد ميثم المختار عن خروجه ثائراً بدم الحسين عليه السلام كما تقدم، ويؤيده تحديد وقت الشهادة بالإفراج عن المختار، ولم يفرج عنه إلا بعد إرساله رسالة إلى عبد الله بن عمر الذي حمَّل بدوره الرسول رسالة إلى يزيد، فأرسل معه إلى ابن زياد يأمره بتخلية سبيل المختار، ويستغرق ذلك مع مقدماته أكثر من شهر.(69)

و في رواية أخرى:

" فأتى (العريف) به عبيدالله بن زياد، فلما أدخله عليه، قال له: ميثم؟
 قال : نعم.
 قال : إبرأ من أبي تراب.
 قال: لا أعرف أبا تراب.
 قال: إبرأ من علي بن أبي طالب.
 قال : فإن لم أفعل؟
 قال : إذاً والله أقتلك.
 قال: أما إنه قد كان يقال لي إنك ستقتلني، وتصلبني على باب عمرو بن حُريث، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر من منخري دم عبيط.
 فأمر بصلبه على باب عمرو بن حريث، فقال للناس: سلوني، سلوني - وهو مصلوب - قبل أن أموت، فوالله لأحدثنكم ببعض ما يكون من الفتن، فلما سأله الناس وحدثهم أتاه رسول من ابن زياد - لعنه الله - فألجمه بلجام من شريط، فهو أول من ألجم بلجام وهو مصلوب، ثم أنفذ إليه من وجأ جوفه حتى مات فكانت هذه من دلائل أمير المؤمنين عليه السلام".
(70)

و هنا محطات يمكن الإشارة إليها وحديثها ذو الشجون أعظم من أن يحيط به مني رقم، وهو مجلجل أبداً إلى يوم القيامة.

الأولى: مهمة هذا المعدن من الأولياء، وفرادة اليقين في قلوبهم.
الثانية: ما هي الأسرار التي حدث بها ميثم عن "بعض ما يكون من الفتن" ولماذا حرص الطاغية على قطع هذا الحديث بقطع لسان الشهيد؟
الثالثة: ماذا قال الشهيد ميثم عند ما بلغه خبر شهادة الإمام الحسين عليه السلام وهو مايزال آنذاك في السجن.
الرايعة: ماذا دار في العمق بين ميثم والمختار؟
الخامسة: كل ما واجهه ميثم قليل في الله تعالى، فماذا نقدم نحن القاعدين؟ بل وماذا يقدم حتى المجاهدون؟!

"رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير".

***

لتهنأ بك الجنة، و ليهنك رضوان الله الأكبر، أيها الشاهد المبلَّغ، ياحواريَّ السر المقنَّع بالسر.

و ليس العجز عن التعريف بقامتك العلوية المحمدية، مورد الإعتذار، بل محاولة ذلك هي المورد.

و أين الغارق في بحار الظاهر والبهارج، من المستغرق في سرادقات النور.

يا ولي الله: الجار ثم الدار(71) وإن كانت مني جيرة سوء.(72)

الفهارس


(1) الأشهر في التسمية بعمارة بضم العين، وكانت التسمية به أيضاً بغير الضم متداولة، قال ابن ماكولا:" باب عمارة وعمارة وعمارة أما عمارة [بضم العين] فكثير. وأما عمارة بكسر العين فهو أبي بن عمارة الأنصاري"، "وأماعمارة بفتح العين وتشديد الميم فهي عمارة جدة أبي يوسف "الصيدناني"..إكمال الكمال 6/271-273 وقال الطريحي:" وعمارة بالضم اسم رجل" مجمع البحرين 3/250
(2) الزبيدي، تاج العروس1/339. قال: "أهمله الجماعة".
(3) انظر: إبن الأثير،ا  لنهاية في غريب الحديث 3/299 وابن منظور، لسان العرب 4/604-606والزبيدي ، تاج العروس 3/422-425.
(4) الزبيدي، تاج العروس 1/399 قال في معرض حديثه حول "صلخب" "والصلاهب من الإبل الشداد وحجر صلهب وصلاهب شديد صلب". وقال: وعمارة بن صلخب قتل بالكوفة وكان ممن أراد نصرة مسلم بن عقيل كذا في أنساب البلاذري.
(5) المسعودي، مروج الذهب 3/58.
(6) الطبري4/276
(7) المصدر.
(8) نفس المصدر. بتصرف اقتضاه التصحيف.
(9) المامقاني، تنقيح المقال. والسماوي، إبصار العين
(10) الطبري 4/323 وابن كثير، البداية والنهاية 8/194
(11) البلاذري، أنساب الأشراف 86 ويذكر اسم الشاعر"عبيدة بن عمرو البدي".
(12) المسعودي، مروج الذهب 3/59 ينسبه إلى "بعض الشعراء".
(13) الطبري 2/548"سماه نساء قومه عرف النار، كلام يماني يسمون به الغادر" والبلاذري، فتوح البلدان 122 و أنساب الأشراف 379 "سماه عليٌّ عرف النار" وابن أبي الحديد، شرح النهج 1/291"و كان قومه بعد ذلك يسمونه عرف النار وهواسم للغادر عندهم"
(14) الطبري 4/346 كان يسمى قيس بن الأشعث بذلك لأنه سلب قطيفة خز كانت على الإمام الحسين عليه السلام عند شهادته.
(15) الطبري 4/277"يتمسك الخ"
(16) المصدر 284-285
(17) السيد ابن طاوس، اللهوف 155
(18) الطبري 4/393
(19) قال الزبيدي في تاج العروس 1/399 " وعمارة بن صلخب قتل بالكوفة وكان ممن أراد نصرة مسلم بن عقيل كذا في أنساب البلاذرى" وهو يثبت أن"صلحب" تصحيف.
(20) البلاذري، أنساب الأشراف 85
(21) ابن خلدون، تاريخه، ق1ج2/249و قد أورد د.عمر كحالة في معجم قبائل العرب 3/991 ما يلي" كلب بن وبرة : بطن من قضاعة، من القحطانية، وهم : بنو كلب بن وبرة . كانوا ينزلون دومة الجندل، وتبوك، وأطراف الشام، ونزل خلق عظيم على خليج القسطنطينية. ومن أمكنتهم : عقدة الجوف ، الشرية. ومن أوديتهم : قراقر ومن مياههم : عراعر، الأجداد، نهيا، الغوي، وخالة. قال الهمداني : مساكنها : السماوة، ولا يخالط بطونها في السماوة أحد، ثم قال : ثم من حوران في ديار كلب عن يمينك في السماوة، ثم في الدهناء إلى أن ترى نخل الفرات، ولا يخالط كلباً سواها، ثم قال : وما وقع في ديار كلب من القرى تدمر، وسلمية، والعاصمية، وحمص، وهي حميرية، وخلفها مما يلي العراق حماة وشيزر وكفر طاب للكنانة من كلب، ثم ترجع بكنانة كلب من ديارها هذه إلى ناحية السماوة والفرات من المدن . . ثم يأتي الفرات من بلد الروم شاقاً في طرف الشام على التواء إلى العراق فغربيه ديار كلب وشرقيه ديار مضر".
(22) الشيخ المفيد؟ الإختصاص 3. والخوئي، معجم رجال الحديث20/103و107
(23) المحقق النراقي، عوائد الأيام 293-294و انظر: العلامة الحلي، إيضاح الإشتباه، 304 وابن داود الحلي، رجاله227قال العلامة الأرموي في هامش شرح مائة كلمة لابن ميثم البحراني7:" في توضيح الإشتباه نسبة الغلط الى صاحب المجمع في أخذ هذه التسمية من مادة " " مثم " " معللة باتفاق سائر أهل اللغة على ذكرها في مادة " وثم " دون " مثم " و" يثم " فياء ميثم منقلبة عن الواو لكسر ما قبلها ولو كان مفتوحاً لقالوا : موثم ، لاميثم وفيه أيضاً في ذيل ترجمة ميثم التمار الذى هو من جملة حملة الأسرار: وهو بكسر الميم وسكون الياء وقال بعضهم بفتح الميم ولعله سهو فظهر من كل ذلك أيضاً أن تفصيل من نقل عن حاشيته على الخلاصة كلام بلا دليل لا يصح على محضه التعويل نعم لم يزد صاحب القاموس في مادة " " وثم " " على قوله : وميثم اسم ، فسكت فيه عن ضبط هذه الصيغة إما تعويلاًعلى معروفية كونها مكسورة الميم أو من جهة احتمالها الحركتين وفيه ايضا من الاشارة الى كونها غير ذات معنى اصلي في لغة العرب ما لا يخفى وإن كان الظاهر عندنا انها اسم آلة من الوثم الذى هو بمعنى الدق كما ان الميسم الذى هو بالسين المهملة مفعل من الوسم الذى هو بمعنى الكي ونحوه وأصله من الواو أيضاً بقرينة جمعه على مواسم كما أفيد " .
(24) الطريحي، مجمع البحرين1/295
(25) السيوطي، لب اللباب في تحرير الأنساب269
(26) الحموي، معجم البلدان5/325-328
(27) السيد الخوئي، معجم رجال الحديث20/103.
(28) الأبطحي، تهذيب المقال3/207.
(29) هو مقتضى ما في المصادر وإن لم تصرح به، كما يأتي.
(30) الشيخ المفيد، الإرشاد1/323وابن حجر،الإصابة 6/249وابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 2/291والأبطحي (السيد محمد علي)تهذيب المقال3/206
(31) الشيخ جعفر النقدي، الأنوار العلوية463
(32) الشيخ المفيد، الإرشاد1/324وابن أبي الحديد، شرح النهج2/292
(33) المصدران.
(34) إبن أبي الحديد، شرح النهج2/291
(35) المصدر.
(36) المصدر، وابن حجر،الإصابة6/249باختلاف، واللفظ للأول.
(37) يذكر الكشي في الحديث التالي مباشرة احتمال أن يكون المتحدث عمران ابن الشهيد وليس حمزة، فلاحظ.
(38) الطوسي، اختيار معرفة الرجال للكشي294
(39) إبن حجر،الإصابة6/249-250 والشيخ المفيد،الإرشاد 1/323 بلفظ واحد، وقد أورد ابن أبي الحديد في شرح النهج2/229 قول الإمام علي عليه السلام لميثم:" والموضع الذى تصلب فيه على باب دار عمرو بن حريث، إنك لعاشر عشرة أنت أقصرهم خشبه، وأقربهم من المطهرة". وليلاحظ أنه قد ورد في أكثر من مورد في"اختيار معرفة الرجال" تاسع تسعة وهو غير واضح.
(40) الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان 10/ 314
(41) يبدو أن المراد به البناء الصغير المسَنَّم.
(42) الطبرسي، مجمع البيان10/314
(43) ورد هنا في الأصل: الكافي : الجزء2، كتاب الايمان والكفر1، باب التقية 97، الحديث 15.
(44) السيد الخوئي، معجم رجال الحديث20/111-112. بتصرف يسير.
(45) إبن عساكر، تاريخ دمشق12/227.
(46) المصدر، بتصرف يسير اقتضاه تصحيح العبارة، حيث ورد في الأصل:".. بعذراء يعني مثلهم كمثل أصحاب الأخدود قتل حجر وأصحابه. انتهى".
(47) الشيخ الطوسي، إختيار معرفة الرجال للكشي1/297 والشيخ المفيد؟ الإختصاص75 والمجلسي، بحارالأنوار42/131والسيدالخوئي، معجم رجال الحديث20/107. واللفظ للأول وهو مصدر الجميع.
(48) المصدر8/36
(49) المصدر16/122.
(50) في المصدر "بن قيل"والصحيح ما ذكر.انظر:القاضي النعمان،شرح الأخبار2/171والطبري4/59 و198و هو مستفيض في كتب الرجال.
(51) في المصدر " كرام" والصحيح كدام بالدال المهملة.انظر المصدر المتقدم، شرح الأخبار.
(52) السيد علي خان (صدر الدين المدني الشيرازي الحسيني، الوفاة 1120) الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة 428. و قال أيضاً:" قال الشيخ محمد بن مكي  ره ) أنشدني خادمهم هذه الأبيات :
جماعة بثرى عذؤاء قد دفنوا           وهم صحاب لهم فضل وإعظام
حجر قبيصة صيفي شريكهم           ومحرز ثم همام وكرام (كدام)
عليهم ألف رضوان مكـرمة            تترى تدوم عليهم كلما داموا
قال محمد بن مكي ( رض ) فزدت بيتا"
" ومثلها لعنات للذى سفكوا            دماءهم وعذاب بالذى استاموا".
وليلاحظ أن المراد بقول الشاعر: شريكهم، هوالشهيد شريك بن شداد الحضرمي.

(53) تبنى النفي المحقق التستري في قاموس الرجال في ترجمة الشهيد ميثم.ولايصح نفي المضمون لمجرد شدة غرابة أن يكون الشهيد حجر قد صلب على ربع تلك النخلة، كما أنه لادليل عليه.
(54) انظر: النص المتقدم على ما أنا بصدده هنا.
(55) الشيخ الطوسي، إختيار معرفة الرجال للكشي1/293.
(56) المصدر294
(57) كان دار الرزق في الكوفة يقع على مقربة من الشاطيء. أنظر ملحق خرائط الكوفة.
(58) المصدر292
(59) المحقق الخوانساري، مشارق الشموس2/458 والمعروف أن جبلة اسم رجل وهو مستفيض في كتب الرجال، والظاهر أنه هنا اسم امرأة بقرينة وصفها بالمكية، وهو غريب. و قد نقل هذا النص بلفظ قال جبلة وقالت جبلة وفي بعض نسخه التي بدأت بلفظ "قال" ورد في آخر النص "اعلمي" وهذه بعض مصادر النص: الشيخ يوسف البحراني، الحدائق الناضرة13/373(جمع بين التذكير والتأنيث)والشيخ الصدوق، علل الشرائع1/228(التأنيث)والشيخ الصدوق، الأمالي189(التأنيث) والمجلسي، البحار45/202(الجمع بينهما) والبحراني، العوالم456(الجمع بينهما) و قد تحدث صاحب الجواهر عن فقه هذا الحديث . انظر: الشيخ الجواهري ، جواهر الكلام 71/109. وقد أوردته عن مشارق الشموس كما وجدته. مع تصرف يسير اقتضاه التصحيف، وحيث إن الغالب فيه التأنيث فقد وضعت ما أضفته بين قوسين.
(60) الفتال النيسابوري، روضة الواعظين288.
(61) المصدر
(62) المصدر وقد أورد الطريحي في مجمع البحرين4/171:" قال صالح بن ميثم : فأرسل إلى جذع من نخلة صلب أبي عليه، قال : وكان أخبره علي عليه السلام عنه، فأخذ أبي مسماراً وكتب عليه اسمه فسمره في الجذع الذي أخبره به بلا علم النجار، فلما أتي بالخشبة رأيت المسمار على قامته منه، عليه اسمه رحمه الله".
(63) الخصيبي، الحسين بن حمدان، الهداية الكبرى132و انظر: الشيخ الطوسي، إختيارمعرفة الرجال1/296. ولايمكن الجزم بمقدمات شهادته رضوان الله عليه، فهناك رواية أخرى حول أن دخوله على ابن زياد كان في شأن من شؤون السوق وأنه كان خطيب القوم فوشى به عمرو بن حريث، و قد أورد الشيخ الطوسي في اختيار معرفة الرجال الروايتين معاً، و في الهوامش التالية مزيد إيضاح فلاحظ.
(64) الراوندي، قطب الدين، الخرائج والجرائح1/229ويؤيده :الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال1/296.
(65) الشيخ الطوسي، إختيار معرفة الرجال للكشي297-298. ومحل الشاهد في الرواية عن ميثم كمايلي: ".. أتاني قوم من أهل السوق فقالوا : يا ميثم انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق، ونسأله أن يعزله عنا ويولي علينا غيره. قال : وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث أصلح الله الأمير تعرف هذا المتكلم ؟ قال : من هو ؟ قال ميثم التمار الكذاب مولى ".." علي بن أبي طالب، قال : فاستوى جالساً فقال لي ما تقول ؟ فقلت : كذب أصلح الله الأمير، بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقاً فقال لي : لتبرأن من علي، ولتذكرن معاويه، وتتولى عثمان، وتذكر محاسنه، أو لأ قطعن يديك ورجليك ولأصلبنك، فبكيت، فقال لي: بكيت من القول دون الفعل، فقلت : والله ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكن بكيت من شكٍّ كان دخلني يوم أخبرني سيدي ومولاي. فقال لي: وما قال لك؟ قال، فقلت : أتيت الباب فقيل لي : إنه نائم، فناديت انتبه أيها النائم، فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك فقال : صدقت وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتصلبن، فقلت : ومن يفعل ذلك بي ؟ يا أمير المؤمنين فقال: يأخذك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيدالله بن زياد. قال : فامتلأ غيظاً ثم قال لي : والله لأقطعن يديك ورجليك ولأدعن لسانك حتى أكذبك وأكذب مولاك، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه، ثم أخرج فأمر به أن يصلب، الخ."
(66) وجه عدم المنافاة هو أن الحديث عن قطع اليدين والرجلين ثم إخراج الشهيد وصلبه ليس جزءاً من كلام الشهيد، بدليل "فأمر به"وقوله"ثم أخرج".مما يفسح المجال لاحتمال أن لايكون ذلك قد حصل في نفس المجلس.
(67) الطوسي، اختيار معرفة الرجال1/296.
(68) إبن حجر، الإصابة6/249. والشيخ المفيد، الإرشاد1/234 وابن أبي الحديد شرح النهج2/293 وفيه ورد قول ميثم للمختار:"..فتقتل هذا الجبار الذي نحن في سجنه، وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخديه". وانظر: الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال1/295-296.
(69) أنظر: ماتقدم في الفصل الخامس تحت عنوان: من المشهد الكوفي: التواري، وأخذ الأمان، حول رسالة يزيد بتخلية سبيل المختار.
(70) الشريف المرتضى، خصائص الأئمة55.
(71) عن الإمام" الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قال : رأيت أمي فاطمة ( عليها السلام ) قائمة في محرابها ليلة الجمعة، فلم تزل راكعة ساجدة حتى انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسميهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشئ ، فقلت : يا أماه ، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بني، الجار ثم الدار.الطبري الشيعي، دلائل الإمامة152.
(72) إشارة إلى إقامتي بالكوفة، في منزل أخي سماحة العلامة الحجة الشيخ علي، قريباً من مقام الشهيد ميثم، في حي كندة حوالي سنتين عام 67-69م