أسئلة حول المقاطعة موقع السرائر

 

10

أسئلة حول المقاطعة

  1. هل المقاطعة ممكنة؟

  2. وماذا عن القمح؟

  3. وما قيمة ماتخسره أمريكا أمام عائد شركة أمريكية واحدة؟

  4. ماأكثر البضائع الأمريكية التي تصنع في بلاد أخرى؟

  5. جريمة بحق الأيدي العاملة غير الأمريكية؟

  6. الدول العربية بحاجة إلى المساعدات الأمريكية، و"الدول المانحة"؟

  7. نشتري "نفايات" أمريكا، (ألبسة وأدوات منزلية) فكيف نستطيع مقاطعتها؟

  8. لماذا لانقاطع جميع الدول التي تدعم الكيان الصهيوني؟

  9. لماذا لانقاطع بريطانيا بالخصوص بالإضافة إلى أمريكا؟

  10. لماذا لانقاطع الدولار، لنعزز الليرة والنقد الوطني عموماً؟

 

هذه الأسئلة وأمثالها مما يتداول في المجالس، أو ينشر في الصحف، وهي تستدعي الوقفة عندها، تحصيناً لمشروع المقاطعة من الشبهات والتهويلات التي يشتد خطرها على "المدمنين" الذين يريد لهم هذا المد الجماهيري في مقاطعة البضائع الأمريكية، أن يكونوا شركاء للمقاومين في تغلبهم على ميول النفس الجامحة إلى الرغد واللذةبامتصاص دماء أبناء جلدتهم، لأن الظلم الأمريكي بلغ حداً لايمكن معه لأي إنسان سَوِيٍّ، إلا أن يربأ بنفسه أن تكون متعته ولذته بالسلع التي ينتجها قتلة أهله، أو أبناء جنسه من البشر.

وهذه إجابات مختصرة:

1-هل المقاطعة ممكنة؟

أولاً: دعونا نجرب، وقد أثبتت أيام مرت على انطلاقة هذه الفكرة في المسار العملي أنها تغري بمواصلة التجربة، فقد تنامى الإحساس بالكرامة، وظهرت بوادر تأثر الشركات الأمريكية بهذه الدعوة، وبادر بعضها إلى الإعلان عن عدم دعمه للكيان الصهيوني، وانخفضت نسب مبيعات البضائع الأمريكية بنسب ملحوظة.

إذا كنتم لاتجزمون بعدم الجدوى فانتظروا تبلور الصورة، وإذا كنتم تجزمون فإن هذه البوادر تكفي لجعلكم تحتملون الجدوى، والعبرة بالنتائج.

2- وماذا عن القمح؟

ولعله السؤال الأجدر بالعناية، ويمكن أن يصاغ كما يلي:

إن خبزنا أمريكي فكيف يمكننا أن نقاطع الخبز؟

والجواب: إنه ليوم تاريخي وعيد وطني كبير ذلك اليوم الذي نقرر فيه أن نأكل ماتيسر إلا الخبز الأمريكي، ونبدأ قي الوقت نفسه رحلة الألف ميل لتعزيز زراعة القمح في بلادنا العربية والإسلامية التي منحها الله تعالى إمكانات هائلة في التربة والخصب والثروة المائية، تمكّنها على الأقل من تأمين الإكتفاء الذاتي في مجال القمح وغيره.

وإنه لعار لايوصف أن يبلغ الإرتهان للعدو المتوحش إلى حد انتظار لقمة الخبز منه.

ولو لم يكن في المبررات لمقاطعة البضائع الأمريكية إلا القمح لكفى

بناء عليه فإن ما تتصورونه سبباً لعدم المقاطعة هو سبب استثنائي للمقاطعة، يؤكد أن عدم اللجوء إليها يجعل الأمة أكثر ارتهاناً وأشد تبعية وعبودية.

ولنفترض أننا سنضطر أن نعاني ظروفاً صعبة، فإن النتائج النوعية تستدعي تضحية وصبراً وجلَداً، والحال أن الأمر ليس بهذه الصعوبة على الإطلاق.

ونظرة في أرقام الإمكانات الزراعية في العالم العربي والإسلامي تؤكد ذلك.

3- وما قيمة ماتخسره أمريكا أمام عائدات شركة أمريكية واحدة؟

والجواب: إن حصر الخسائر الأمريكية من المقاطعة بالنتائج الإقتصادية تسطيح للأمور، أو أنه ينطلق أحياناً بوحي من الدوائر الأمريكية نفسها للتغطية على النتائج النفسية والتربوية والإجتماعية والسياسية والأمنية والعسكرية الكبيرة التي تترتب على مقاطعة البضائع الأمريكية..وإليك بعض التوضيح (1):

نفسياً: يكفي انتشال العربي والمسلم من وهدة اليأس والإحباط وجعله يعيش إحساس الفلسطيني المشارك في انتفاضة الحجارة الذي يرمي الدبابة العملاقة بحجر، ولقد تقدم أكثر من مرة أن مشروع المقاطعة هو في بعض تجلياته تعميم لإنتفاضة الحجر.

تربوياً: يكفي أن يتربى الطفل والفتى والشاب والكهل على أن ثمة قضية كبرى محقة، يقف الظالمون ضدها وهذا يعزز في وعيه التربوي عدم نسيان القضية وعدم الوقوع في شراكهم.

اجتماعياً:يكفي الإحساس بوجود جماعة تحمل هماً واحداً، ليخرج العربي والمسلم من دورة العولمة الأمريكية التي تريد للفرد أن يأ تيها فرداً مستسلما متبرئاً من كل جماعة حتى الأسرة.

سياسياً: لو لم يكن في المردود السياسي إلا الرد على التعميق الأمريكي الدائب للشروخ القطرية التي تمزق الجسد العربي والمسلم، والذي بدأت مؤامرته بريطانية وفرنسية، وهي ماعرف باتفاقية سايكس بيكو، لكفى أن يكون هذا وحده مبرراً في غاية الوجاهة والقوة لمقاطعة البضائع الأمريكية.

إن متابعة أخبار المقاطعة وشعاراتها في مختلف البلدان العربية والإسلامية يرفد شعور الفرد بانتمائه إلى أمة فهو وإن كان يحب وطنه ويفديه، إلا أن وطنه أكبر من القطر الذي شاء المستعمر أن يجعل من حبه له وسيلة للعداء ضد أخيه، لحاجة في نفس بني يعقوب.

أمنياً: إن تصاعد موجة مقاطعة البضائع الأمريكية وتصاعد حس العداء للأمريكي المتغطرس، سوف يفرض على أمريكا أن تضاعف جهودها في حماية سفاراتها ومؤسساتها وشخصياتها التي تتنقل في البلاد العربية والإسلامية، مما يرتب عليها عبئاً أمنياً إضافياً.

عسكرياً: ستضطر الإدارة الأمريكية إلى إعادة نشر قواعدها العسكرية، فلا تعود بلادنا مسرحاً لهم يقيمون حيث شاؤوا.

وفي كل من هذه العناوين تفاصيل، إلا أن أكثرها يتضح مما ذكر.

4- ما أكثر البضائع الأمريكية التي تصنع في دول أخرى؟

والجواب: مانعلم أنه أمريكي تجب مقاطعته حتى إذا كان مصنعاً في بلد عربي أو إسلامي، وما نشك فيه يمكننا استعماله مادام الشك قائماً، أما أن هذه المقاطعة ترتد بالضرر على بلد التصنيع لا على أمريكا فليس صحيحاً بل الصحيح أن في ذلك ضرراً بالإثنين معاً، إلا أن الضرر ببلد التصنيع مؤقت، إذ يمكنه اللجوء إلى البديل الذي يعزز اقتصاده الوطني ولا يخدم العدو الأمريكي.

وينبغي التنبه في هذا المجال إلى أن البضائع الأمريكية التي تصنع في بلادنا أكثر نفعاً للأمريكي مما يصنع عنده، لأن التصنيع هنا يعفيه من بدل الشحن والجمارك ومن الضرائب المرتفعة التي يمكن التغلب عليها عندنا برشوة لهذا المسؤول وذاك، ولو من قبيل جعل بعض المحسوبين في عداد كبار المساهمين.

وتجدر الإشارة إلى أن الحديث في التطبيق شأن آخر غير أصل مبدأ المقاطعة، فسنحتاج إلى وقت طويل لتصبح المقاطعة شاملة، ولا يقلل من أهميتها أن تنطلق في البداية مما يعلم بأنه أمريكي 100%.

5- أوليست المقاطعة جريمة بحق الأيدي العاملة, مما يعني أنها تشرد آلاف العوائل؟

والجواب:

أولاً: إنها إحدى جرائم أمريكا التي جعلت لقمة عيش هذه العوائل مغمسة بدماء الشهداء وعذابات الرهائن والمشردين من بيوتهم، والإحساس بالذل والهوان من جراء الإضطرار إلى هذه اللقمة الكريهة.

ثانياً: إن هذه الأيدي العاملة تمتلك اختصاصات أو أنها قادرة على تغطية حاجات، لاتلبث دورة المقاطعة أن تفرز بدائل ستجد أنها بأمس الحاجة إلى هذه الأيدي التي ستعود إلى العمل هذه المرة بكرامة وعزة، وستجد أنها تخدم دورة اقتصادها الوطني بدلاً من خدمة الجزار الأمريكي أو اليهودي أو الأمريكي اليهودي.

يعني ذلك أن الأيدي العاملة ستتوقف عن العمل لفترة، وهي تضحية ينبغي أن نشجع عليها إذا كنا نعتبر مايجري في فلسطين مفصلياً يستحق التضحية، لاأن نذرف دموعاً على الأيدي العاملة أخشى أن تكون عند البعض دموع التماسيح الأمريكية!

عندما يجري الحديث عن آلاف العمال الذين توقفوا عن العمل لأن المصانع والمؤسسات الأمريكية التي كانوا يعملون فيها اضطرت للإقفال، يجب أن نفرح، لأن آلاف العمال العرب والمسلمين تحرروا من لقمة العيش المغمسة بالذل، ولأن إمكانيات تأسيس مصنع وطني باتت أكثر من السابق، ولأن حس العداء للأمريكي في تقدم واطراد.

وفي هذا السياق:يجب أن يبادر المعنيون بمشروع المقاطعة في كل بلد إلى إنشاء صندوق للمساعدات، يصرف منه لكل عامل توقف عن العمل بدل مقطوع، ريثما يتدبر أمره.

6-بما أن الدول العربية بحاجة إلى المساعدات الأمريكية، ومساعدات الدول "المانحة" فكيف يمكننا أن نقاطع أمريكا؟

والجواب:

أولا:لنجر مقارنة سريعة على أساس ما تختزنه الذاكرة بين حجم المساعدات الأمريكية للعدو الصهيوني وبين حجم جميع مساعداتها للدول العربية.

ولنحاول أن نتذكر تصريحات بعض المسؤولين المصريين التي تكشف أن أكبر دولة عربية تنكر النظام فيها لأمته، يعاني ويلات الفقر، ولنحاول أن نتذكر فلتة الملك حسين عندما عومل كالمستعطي (وهل جئت شحاذاً).

ثانياً:إن ماتقدمه أمريكا والدول المانحة بضوء أخضر أمريكي لايعدو كونه تأميناً للمصالح الأمريكية والغربية عموماً من خلال دعم الأنظمة الموالية وتصليب عود أجهزة قمعها لإحكام السيطرة على الشعوب.

ومشروع مقاطعة البضائع الأمريكية ينطلق من مناخ الحرص على مصالح الشعوب لا الأنظمة وأجهزة بطشها، فإذا كان هذا المشروع يسهم في حرمان الأنظمة الأمريكية من لقمة أسيادها فتلك نقطة هامة لمصلحة مشروع المقاطعة لاعليه.

ثالثاً:من حق الشعوب في منطقتنا ومن حق الأنظمة أن ترتكز إلى إمكاناتها الذاتية وتستند عليها لا أن تمنع من الزراعة والتصنيع الجاد، بعيداً عن مهزلة التركيب و "المونتاج" كائناً ماكانت هذه الإمكانات، ليتضح هل هي بحاجة إلى مساعدات من الخارج، أم أنها في غنى عنها.

إن ظلت الحاجة إليها قائمة عندها ستتخذ المساعدات منحى آخر غير ما هو قائم فعلاً، إذ أنها ستقترن بالإحترام لشعب يستثمر كل إمكاناته، أماالآن فهي مساعدات قائمة على الإستغباء والإستعباد وهما ركنا الإستعمار "الحديث".

إن الأصل الذي ينطلق منه مشروع المقاطعة، هو: حاجتنا إلى الضغط باتجاه تغيير الواقع والخروج من الهيمنة الأمريكية، ومواجهة عداء أمريكا السافر لقضايانا، ووحدة مصلحتها مع مصلحة العدو الصهيوني، وليس ارتهان أنظمة بلادنا للأمريكي إلا جزء من هذا الواقع الذي يراد تغييره، فلا يصح أن تكون مصلحة الأنظمة مبرراً لرفض أي مشروع يخدم مصالح الشعوب.

7-نحن نشتري نفايات أمريكا من ألبسة وأحذية وأدوات منزلية، فكيف يمكننا أن نقاطعها؟

ولو لم يطرح هذا السؤال(خبير)اقتصادي عربي يقيم في لندن كما ورد في جريدة النهار (2) لما خطر بالبال الوقوف عنده.

والجواب: غاية الذل أن تجد نفسك مستهلكاً لنفايات عدو مثل أمريكا، نحن - المقاطعين - نربأ بأي فرد من أمتنا أن يستهلك أجود منتجات هذا العدو اللدود، فكيف نرضى له باستهلاك النفايات.

إن هذا السؤال يجعلنا نزداد قناعة بأهمية مشروع المقاطعة، بل لو لم يكن له من مبرر، إلاأن يقال هذا لكفى.

إن في السلع المستعملة التي تستورد من دول أخرى عديدة بديلاً لمن اضطر  إلى ذلك.

8-لماذا لا نقاطع جميع الدول التي تدعم العدو الصهيوني؟

والجواب: إن أداء الأنظمة العربيةوالإسلامية العميلةالتي ألغت من قاموسها مبدأ التفكير بمواجهة العدو الصهيوني، قد شجع دول العالم قاطبة على الوقوف إلى جانب العدو الذي هو الخيار الأمريكي المدلل، وبناء عليه فإن التفكير بمقاطعة جميع الدول التي تدعم العدو يعني الفشل في تحقيق أي شيء في مجال المقاطعة، نظراًإلى الطبيعة الإستهلاكية لبلادنا، والتي هي النتيجة التلقائية للأنظمة المفروضة عليناالتي تتلاعب بمقدراتنا كما يريد الأمريكي.

إن حصر المقاطعة بالعدو الأخطر، وجعل بضائع الدول الأخرى جميعها بدائل تساعدنا في إنجاح المقاطعة لأمريكا، هو مشروع يحمل كل مقومات النجاح وإمكانياته، ومع ذلك فنحن نشهد سجالاً مستمراً يشكك بإمكانيته، فكيف إذا كان المطروح مقاطعة جميع الدول، عندها سينحصر أمر المقاطعة بأفراد سرعان ما يكتشفون أنهم غير قادرين على الإستمرار.

رأس الأفعى هو الذي يجب استهدافه، خصوصاً عندما تكون الإمكانات متواضعة والفرصة سانحة.

9- لماذا لا نقاطع بريطانيا بالخصوص،بالإضافة إلى أمريكا؟

وهو سؤال وجيه جداً نظراً للدور البريطاني التأسيسي في كل نكباتنا، ونظراً لتميز المواقف البريطانية عن مواقف جميع الدول المعادية، مما يجعلها نسخة عن المواقف الأمريكية.

والجواب: إن السبب الذي يفرض عدم شمول المقاطعة لبريطانيا هو الخوف من إضعاف مشروع مقاطعة أمريكا، فمجرد ذكر دولة ثانية يفتح الباب أمام الثالثة، وهذا شيء جيد إذا كان بالإمكان تحقيقه، لكن الخوف من تعدد الدول المستهدفة بالمقاطعة، يكمن في عدم القدرة، على مواجهة أكثر من عدو في آن واحد، ولذلك فإن من الطبيعي جداً أن تتوفر كل الجهود على إنجاح المقاطعة لرأس الأفعى كما تقدم، وعندما يصبح بالإمكان إضافة دول أخرى فإن بريطانيا على رأس القائمة، ومن أمكنه أن يلتزم من الآن بمقاطعة البضائع البريطانية أيضاً فلا ينبغي له التأجيل، إنما المهم أن ينصب الجهد فعلاً على عنوان واحد لا غير هو "مقاطعة البضائع الأمريكية".

10- لماذا لانقاطع الدولار؟

ومن قال إن الدولار ليس أول بضاعة أمريكية تنبغي مقاطعتها، والملفت أن البعض يتحدثون عن مقاطعة الدولار كبديل لمقاطعة البضائغ الأمريكية.

وينبغي التنبه إلى أن الدولرة ليست منتشرة في جميع بلداننا كما هو الحال في لبنان، من هنا كان من الطبيعي أن يتركز حديث المقاطعة على البضائع، ولاينافي ذلك أن يفرد في لبنان - أو حيث تمس الحاجة - حيز كبير للحديث عن مضار الدولرة.

المهم أنه لايمكن تصور التزام بمبدأ المقاطعة، مع اعتماد الدولرة كمحور في التصريف وتداول النقد.


هوامش
1- تقدم ماينفع في ذلك تحت عنوان "في جدوى المقاطعة".
2- النهار 22 \ 4 \ 2002